منى المنتخب البرازيلي بهزيمة شنيعة ومفاجئة كانت بمثابة الصدمة لجميع المهتمين وخاصة من البرازيليين على يد المنتخب الألماني بسيل من الأهداف ضد أعرق فريق في العالم بماضيه المشهود له بالعطاء والانتصارات البينة في مجال كرة القدم، وهذا الإخفاق الكبير يذكرنا، بل ويكون حاضرا بقوة وما حصل للجيش العراقي من هزيمة مذلة وكبيرة وفاضحة، فأين يكمن وجه المقارنة، ونحن نشهد هاتين الهزيمتين في أقل من شهر؟ بالنسبة للجيش العراقي المعروف بماضيه القتالي وشراسته في الذود عن الوطن وما يحتكم من عدد هائل في العدة والعتاد وبأحدث التقنيات مدعوما بسلاح الجو وبأحدث الطائرات المقاتلة ومن كافة الأنواع، مضافا الى ذلك أسلحة الدروع الثقيلة والهمرات والصواريخ "الهيل فاير" وغيرها من دعائم بناء الجيش الحديث، لكننا فوجئنا بهزيمته المهينة متمثلا بفرقه الأربعة التي قد يصل عدد منتسبيها في كل الصنوف والأرتال، ما يناهز المائة ألف مقاتل وبكل المراتب العسكرية وأصنافها، مقابل هذه الهيلمة، نجد فلول من المقاتلين الإرهابيين ممن لا يملكون نسبة واحد بالألف مما يحتكم عليه جيشنا المقدام، وباسلحة خفيفة وبسيطة وبلباس بدوي متخلف بعصائب تغطي الرؤوس، هذه العينات الرذيلة والضئيلة اطاحت بجيشنا العتي، فكانت هزيمة مذلة وكاسرة، اضطر منتسبي جيشنا الهرب وبخفي حنين بعد أن تركوا ملابسهم العسكرية واسلحتهم التي هي شرف العسكري، ولاذوا بالفرار يتقدمهم كبار القادة من جنرالات برتب عسكرية ترعب من ينظر إليها. ما الذي حدث؟ وكيف حصل ذلك؟ ولماذا؟ وأين تكمن الحلقات المفقودة والتي لا نعرفها ونجهل أسبابها لغاية هذه اللحظة؟ علما أن القيادة العامة لم تتجرأ وتعلن تفاصيل ما حصل، ومن المسبب في هذه الكارثة، لتسقط محافظة نينوى في ظرف ساعات دون أن تواجه مجاميع الإرهاب المدعومين من بعض الخونة من فلول البعث المجرم ورجال العشائر الناكثين لقسم الحفاظ على تراب الوطن، ليسلموا نينوى لقمة سائغة بيد التكفيريين والبقية يعرفها الجميع. إن ما حدث لنينوى هي إهانة لكل العراقيين وبشتى مكوناتهم وانتماءاتهم واعراقهم، وصدمة لا توصف، بعد أن فقدوا الثقة بمن يحميهم ويذود للدفاع عنهم وعن العراق، حتى لاحظنا وعاينا أن العراقيين في معظمهم أخذوا يبكون ودون مواربة لهذه الهزة العنيفة، والمصيبة أن لا أحد حرك هذا الملف ولم نر ردود فعل على الأرض من شأنها أن تحرك كل من له صلة بهذا الملف لتوضيح ما حصل ومحاسبة المقصرين؟! هنا نأتي إلى قراءة مقاربة بين الحالتين العراقية والبرازيلية، ففي كلتا الحالتين تلتقي نقاط كثيرة، منها قوة الطرف المنهزم، وماضيه الذي تهابه أطراف عديدة، ومدى قوة التجربة التي يحتكم عليها كل طرف، والميزانية الهائلة المخصصة للاستعدادات للقيام بالمهمة، وثقة المحبين العالية بقوة هذا الطرف وذاك، والمهمة الوطنية المناطة بكل طرف، وسمعة البلد الذي يحمل كل طرف رايته وشرف الحفاظ على هذا التكليف الوطني، وقبل هذا وذاك الطاقم الهام المخصص لتدريب كل فريق عسكريا كان أم رياضيا. فكيف تمت الهزيمة المذلة لكلا الطرفين؟ وما ردت فعل كل طاقم؟ ولماذا تساقطت الأسماء والرتب التي كانت تزين أكتاف القادة كأوراق الخريف بعد أن كانت تصول وتجول في الملاعب الرياضية والأمنية وهم منفوخي الأوداج، فذابت بعد الهزيمة بطريقة زئبقية ومهينة؟ ومن يصدق أن مجموعة من الأراذل والمتخلفين في كل شئ تبث الرعب بأشرس جيش في المنطقة، حتى تركوا مهماتهم المقدسة وهربوا بجلودهم؟ مثلما هرب قادة المنتخب البرازيلي بعد أن امطرهم منتخب المانيا بوابل من الأهداف التي جعلت من اللاعبين الذين يشار لهم بالبنان كالخراف الفزعة من هجمات الذئاب الألمانية؟ وأين تكمن خيانة كل طرف؟ فكانت الهزيمة لكلا الطرفين يوما أسودا للوطن والناس ظهيري كل فريق في السراء والضراء؟ شاهدنا العيون التي تملؤها الدموع لدي البرازيليين من كلا الجنسين، مثلما كان الحزن والألم الذي وصل حد البكاء باديا على العراقيين. فأين يكمن الخلل مرة أخرى؟ ومن المسؤول عن هذه النكبة لكل طرف؟ هذه الأسئلة وغيرها حري بكل مهتم، خبيرا عسكريا كان أم رياضيا أن يجد لنا ولو مقاربة بسيطة وتفسيرا لهاتين الانتكاستين. علما أن سكولاري مدرب البرازيل كان شجاعا حين صرح بملأ فمه بأن هذه الهزيمة ستبقى تلاحقه طيلة حياته، في حين أن أصحابنا العراقيين لم ينبسوا ببنت شفة وبلعوا المهانة بطيب خاطر وكأن شيئا لم يكن. فمن يشفي غليلنا بالإجابات الشافية؟ مع شكرنا الوافر سلفا.
|