إنقاذ العراق يبدأ بعزل المالكي ومحاكمته

على مدى السنوات الثمانية الماضية، عاش العراق وسط أمواج الصراعات والدعوات العدوانية والمفخخات وصيحات الانتقام، وارتفع فيه صوت لغة القمع والتهميش والتنكيل على أبسط الإعراف الانسانية الديمقراطية، وتسلل روح العنف والعداء والثأر الى نفوس الكتل والجماعات المتناحرة، وكان المسؤول التنفيذي الأول في الدولة والذي تولى العديد من المناصب الهامة والحساسة لا يمتثل لصيحات العقلاء وتحذيرات الحريصين، وإعتبر جميعها مؤامرات تهدف لإبعاده عن السلطة ومنافعها.

وبعد ما حدث في وبعد العاشر من حزيران، ما زال مصراً على ان الذي حدث مؤامرة أو خدعة، لذلك وزع التهم وهدد بالانتقام من الذين كانوا خلف هذه المؤامرة، وهو يعلم بأنه وحده (فقط) ولأسباب عديدة كان وراء هذه المسرحية الهزيلة التي يسميها بالمؤامرة، والسبب هو تجاهله التام لما يحدث بعد إسدال الستار وكشف خطورة فضائح عقله المزاجي الإختياري والمفرط في التخلف والغباء والأستغباء.

بعد أحداث الموصل تبين للعراقيين جميعاً أن الرئيس بارزاني ومحافظ الموصل والسفير البريطاني لدى العراق الفدرالي والدكتور أحمد الجلبي وعدد من نواب نينوى كانوا قد حذروا الحكومة العراقية وشخص المالكي بخطورة الاوضاع في الموصل، وتوقعوا خطورة الاحداث والوقائع على الساحة، وقدروا انعكاساتها الآنية والمستقبلية، وعبروا له بصراحة عن الخشية من الخطابات الاستفزازية والكراهية والعنف الطائفي والأزمات المتتالية والصراعات التي تؤثر في خلق الفجوات وتفكيك المجتمع، وحذروه من ذلك التنظيم الارهابي المتواجد في أطراف الموصل الذي كان يستعرض قواته بين فترة وأخرى، وفي داخل الموصل كان يأخذ الاتاوات والخاوات من الأغنياء والمقاولين وأصحاب المحال التجارية.

ولكن المالكي أهمل النداءات وهو مؤمن الى حد اليقين بإخلاص وجدية التحذيرات،، لماذا؟ ... لأنه أراد إستغلال المستجدات لمآرب وأهداف خاصة:

أولها: الثأر والإنتقام الطائفي من أهالي الموصل السنة، وتدمير مدينتهم جراء إحتلالها من قبل داعشن وتالياً إثرالعمليات العسكرية والقصف العشوائي من قبل المدفية والطيران العراقي.

ثانيا: إستغلال الأحداث للنيل من الأخوين نجيفي(أسامة وأثيل)، وإزاحتها على الساحة السياسية السنية لتسهيل الأمور أمام الجحوش السنة لقيادة الساحة السنية.

ثالثاً: تأليب الرأي العام العربي العراقي ضد إقليم كوردستان وبالذات شخص الرئيس مسعود بارزاني، وإتهامه بالتسهيل للدواعش لإحتلال الموصل، وإحداث شرخ في الجسد السياسي الكوردي، وإستغلال القسم الذي ينسلخ من الجسد الكوردي كجحوش كوردية.

رابعا: تسخير المستجدات من أجل إعلان حالة الطواريء في البلاد وبالتالي الحصول على الولاية الثالثة والرابعة والخامسة.

رابعاً: إستغلال حالة الطواريء لتصفية خصومه ومعارضيه السياسيين من الشيعة والسنة معاً.

خامساً: كسب الود الإيراني عن طريق دعم وإسناد النظام السوري من خلال حصول المؤيد القوي للنظام، والذي هو داعش، ودون إغضاب الأمريكان، على السلاح المتطور والعتاد المجاني لإستعماله ضد المعارضين لبشار الأسد .

ولكن حسابات البيدر لم تتطابق مع خيالات الرئيس، فعندما أصدر أوامره الى قادة جيشه الباسل(جداُ)، بترك الأسلحة والإنسحاب من الموصل، لم يكن يعلم بأن أوامره ستطبق (بالكامل ولأول مرة في تاريخه العسكري) في كركوك وصلاح الدين وديالى وأطراف بغداد، والقطعات ستترك أسلحتها أيضا وتنسحب وتنفذ أوامره تماماً، وعندما حصل ما حصل، أراد الحصول ولو على جزء مما إبتغاه، فلجأ الى البرلمان للحصول على الطواريء، وفشل. وإتهم الرئيس بارزاني والبيشمركه والأخوين نجيفي وقادة جيشه ، ولم يصدقه حتى القريبين منه، وأصيب بالهيستريا، وداعش تمدد ووصل الى أطراف بغداد..

واليوم فإن الذي جرى وما يجري له تأثير مباشر على الجميع، ويتطلب إستنهاض الهمم والوقوف على أهبة الإستعداد لكل الإحتمالات والتحرك الواسع والتعاون الجاد والفعال لصياغة موقف موحد تجاه جميع القضايا المصيرية الراهنة والتغييرات التي حصلت والتي يمكن ان تحصل، ووضع الجميع أمام مرحلة مصيرية وحساسة وحاسمة، ولكي تمر المرحلة بسلام وأمان، يتطلب تناسي الخلافات والرغبات الشخصية والحزبية والمناطقية والمشاركة الفعالة في كل صغيرة و كبيرة، ويتطلب التنسيق والتعاون وتعزيز الممارسات الديموقراطية والدفاع عن المكتسبات وتخطي الصعوبات بكل ما نملك من طاقات للوصول الى ما انتظرناه منذ عقود، وأولى الخطوات الضرورية واللازمة هي عزل المالكي وسجنه ومحاكمته محاكمة عادلة.