القطار الذاهب إلى باريس 
(نص نثريّ).. عبد الكريم كاصد

 

 

في اليوم الرابع عشر من تموز، في سنةٍ ما، وصلتُ مرسيليا ظُهراً، فقررتُ السفر في اليوم نفسه إلى باريس.
توجهتُ إلى محطة القطار فوجدتها خاليةً، وحين سألتُ بعض عامليها عن القطار الذاهب إلى باريس أشار إلى قطارٍ واقفٍ هناك موشكٍ على الرحيل.
قطعتُ تذكرتي على عجلٍ، وصعدتُ العربة التي سأشغل واحداً من مقاعدها. التفت حولي فلم أجد أحداً من الركاب.
-
ماذا يهمّ إذا كنتُ أنا المسافر الوحيد في العربة؟
أطللتُ من زجاج النافذة. ما من مسافرٍ مقبلٍ على القطار.
قلتُ في نفسي، وقد انطلق القطار، هذا غير ممكن! هل أنا المسافر الوحيد؟، ثمّ لمحتُ مسافراً أو مسافرين نزلا في محطةٍ في الطريق.
وحين لمحتهما يختفيان أصابني كدرٌ.
غير معقول!هل سأقضي الليل وحدي في القطار الذاهب إلى باريس؟
انتابني قلقٌ خفيف سرعان ما تحول إلى ضيقٍ مشوبٍ بالحذر.
كيف يقضي مسافرٌ ليله في قطارٍ كهذا؟ وحين وصل القطار إلى (ليون) توقف معلناً للركاب، أقصد للراكب الوحيد الذي هو أنا، أنّ عليّ أن أهبطَ وأبدلَ به قطاراً آخر سيصل بعد قليل.
انتظرتُ في محطة ليون طويلاً..طويلاً.. ولم يصل القطار.
أفي كابوسٍ كنتُ!؟