الجلبي واللعب على حبال الديمقراطية

يعرف الجميع ماضي السياسي احمد الجلبي المنظور من وجهين حيث ظهر في الاول متصدرا المعارضة العراقية الساعية لاسقاط نظام صدام من واشنطن وعواصم اوربا الاخرى وحركته اللولبية واتفاقاته مع الكثير من الفصائل وفاعليته في عقد مؤتمر لندن ومؤتمر صلاح الدين في كردستان ومن ثم حصوله على موافقة الادارة الامريكية على غزو العراق واسقاط النظام البعثي البائد مما منحه بريقا وسمعة ثورية داخل اوساط الشعب العراقي المحاصر في الداخل ونظر له البعض على انه المنقذ والمخلص من نظام العفالقة الجاثم على الصدور ثم كلل جهوده الماضية في المعارضة بدخوله العراق مع القوات الامريكية كأول سياسي عراقي معارض واستمر بنشاطه بعد سقوط النظام فكون (البيت الشيعي ) واستقطب الكثير من الشخصيات التي نراها اليوم على الساحة بعدها ترأس مجلس الحكم لمدة شهر كثمرة لجهوده واعترافا من الشركاء وامريكا بما قدم لاسقاط النظام البائد . لكن بعد ان نحت الامور منحاها باتجاه المحاصصة وفرض وجود المكونات والتمسك بحصصها اصبحت علمانية الجلبي وبالا عليه مثل صنوه علاوي الذي ترأس حكومة مؤقتة وانتهى الامر بعدما فرض الإسلاميون من كل الاطراف وجودهم على الساحة ولم يفلح الجلبي بامساك العصا من الوسط او الانضمام الى التشكيلات الاسلامية الشيعية التي لم تلتفت اليه او تستفيد من خدماته وماضيه بل اصرت على ابعاده وعدم اسناد اي منصب له خلال فترات حكمها مما جعل الجفاء بينه وبينها ظاهرا ودفعه حد الانزواء لكن مشاكساته للاخرين وبحثهم عن ماضي له غير مكشوف جعلهم ينقبون في سجلات مخابرات الدول الغربية ليجدوا له اكثر من موطأ قدم في اكثر من مكان مخابراتي عالمي وصفقات واتفقات كما كشفتها وسائل اعلامهم في حينها حتى أتت انتخابات عام 2010 التي خاضها بقائمة منفردة وخرج منها خالي الوفاض فعمل في السنوات الماضية بصمت وسعى جاهدا لتغيير خارطة تحالفاته مع الاصرار على إنهاء الجفوة التي حصلت بينه وبين الادارة الامريكية التي اتهمته بخداعها لدخول العراق وهو خالي من الاسلحة الكيمياوية فنجح في النهاية وحصل على مقعد في البرلمان عن المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة الحكيم وانعش الخلاف بين التيار الصدري والمجلس الاعلى من جهة ودولة القانون من اخرى على ولاية ثالثة للمالكي آماله وطموحاته القديمة باستلام حقيبة الداخلية او رئاسة الوزراء خصوصا وهو الذي اعلن عدائه للمالكي طيلة فترة ولايته الثانية ونصب نفسه ندا ونظيرا ومزاحما له وبما ان الدلائل تشير الى مجلس نيابي جديد مختلف اراد الجلبي ان يجرب لعبة الديمقراطية من نافذة اخرى بعد ان يأس من الحلم بخلافة المالكي بسبب اقتناع وقبول التيار والمجلس بحتمية اختيار رئيس الحكومة من ائتلاف دولة القانون حتى وان كان غير المالكي لذا استعار او سطا على النائبة (شروق العبايجي ) وكرر ما قامت به يوم رشحت نفسها لرئاسة مجلس النواب . لكن قيام العبايجي بالترشيح كان بسبب ايمانها بالممارسة الديمقراطية وتاكيدا على رفضها للتوافقات التي تتم في غرف مظلمة . فهل كان الجلبي يحمل نفس الايمان عندما رشح نفسه لنيابة رئيس المجلس وهو الحاضر باتفاق الائتلاف الوطني على ترشيح العبادي وانهاء الامر ؟ او انها لعبة على طريقة ( حجاره بلاش عصفور بفلس ) او رسالة على طريقة ( احاجيج يابنتي واسمعك يامالكي ؟) .