داعش.. السقوط بلا توقف

تعمد عصابات "داعش" الارهابية إلى تنصيب زعماء اجانب يقودون اجندته في البلد الذي يدخل اليه، شأنه في ذلك شأن تنظيم "القاعدة" الأب الشرعي لأغلب التنظيمات الارهابية. 

 

وفي الوقت الذي يتعمّد فيه "داعش"، تنصيب قياداته من غير اهل البلد، الا انه يستخدم الناس في المدن والمناطق التي يحتلها كقطعان تنقاد لتنفيذ حروبه وعملياته الانتحارية.

 

غير ان "داعش"، كتنظيم مركزيّ في هيكله التنظيمي، لم يغفل حقيقة ان اهل البلاد الاصليين يكنّون العداء لـ"الاجنبي"، مهما كانت التبريرات الدينية التي تسوقها للجمهور، لكنها مضطرة الى فعل ذلك، شأنه شأن كل الغزاة الذين يسعون الى اذلال اهل البلاد التي يغزونها، فينصّبون كوادرهم الغازية امراءً، ويتخذون من الناس رعيةً ليس في مقدورها الا الطاعة العمياء، ما ينتج في الغالب علاقة تسلطية بين الحاكم والمحكوم، وبين الارهابي وضحاياه، وهو ما يحدث في الموصل ، مثلما حدث في الفلوجة، والرقة السورية، وقبل ذلك في مدن افغانية ويمنية.

 

رموز أجنبية

ان فرض "داعش" وجودها على الناس يجعل منها كيانا محتلاً وغازياً، يتسلّط على الناس بالقوة عبر رموز ارهابية اجنبية لا ترتبط بالجمهور في تلك المناطق بعلاقات الوطن والقربى والاخوة، ما يضمن له القوة الغاشمة التي تحكم بلا رحمة وتبطش في الناس متجاوزةً الاعتبارات الانسانية و الوطنية، فيما يستنزف الارهاب ابناء البلد في مشاريع الموت.

 

وفي تفسيره لظاهرة الكادر القيادي الاجنبي لـ"داعش" والتنظيمات الارهابية، يرى الكاتب نزار حيدر في حديثه لـ(IMN) ان "هذه التنظيمات الإرهابية لم تتأسّس في البلدان التي تمددت فيها، وإنما في بلدان بعيدة عنها مثل أفغانستان والسودان والشيشان وغيرها، اضف الى ذلك ان الانظمة القبلية الحاكمة لاسيما في الجزيرة العربية تحديدا، سعت الى تأسيسها على هذا النحو ليأسها من إمكانية ولادتها الطبيعية في بلداننا، فصدّرتها الينا، مستغلة فقر الشعوب والانفلات الأمني، وهي ظروف تمهد لأرضية مناسبة لرفع شعارات (الجهاد) باسم الدين".

 

ويشير حيدر في نفس الوقت الى أن "العنصرية التي تتحكم بعقلية قيادات الجماعات الإرهابية، فضلا عن عدم ثقتها بالقيادات المحلية التي لم تتعرف عليها الا في الميدان، أحد اسباب ظاهرة الزعامات الاجنبية للتنظيمات الارهابية".

 

وفي بلد مثل العراق، حيث يرفض العراقيون مثل هذه الزعامات، فان هذه التنظيمات، بحسب حيدر، "لا تؤمن على مستقبلها الا بالإمساك بزمام الامر بيدها".

 

وقصة العراق مع الإرهابيين العرب والأجانب بدأت قبيل 2003، حين رحّب النظام البائد بمقاتلين عرب وأجانب، وفتح لهم معسكرات التدريب، وعبر المنافذ الحدودية المفتوحة، دخل مئات الارهابيين إلى الفلوجة، يحملون الرايات السود "التكفيرية"، ليصبح جليا لأهالي المدينة، أن مدينتهم احتُلّت من قبل إرهابيين سوريين ومصريين وأفغان ومغاربة، ما شكّل ردة فعل قوية لديهم، مطالبين الجيش العراقي بالتدخل لإنقاذهم.

 

وفي الموصل والفلوجة، تولّدت حالة عداء بين الناس  و عناصر عصابات "داعش" لاسيما الاجانب، تطورت إلى اشتباكات في مناطق عدة بسبب طبيعة الانسان العراقي الكارهة لتسلط الشخصية الاجنبية عليه.

 

وفي مدينة تكريت وحدها، تواجَدَ نحو 780 داعشيا عربياً، ينقسمون إلى 234 تونسياً و200سعودي و120 يمنياً و121 مغربياً و105 سوري بحسب مصدر امني رفيع المستوى، في حديثه لـ(IMN).

 

ان الذين خلق صعوبات جمّة أمام "داعش" في بعض المدن العراقية التي تسلّلت اليها، غياب زعماء محليين لها يديرون اجندتها ما يدل على عزلتها، ففي وقت تسعى فيه الى التمدد الجغرافي، تتقلص مكانتها ونفوذها بين الناس، وهو ما اضطرها الى اسكان كادرها الاجنبي في الجوامع ودوائر الدولة، وفي "مضايف" الحواضن الارهابية.

 

وفي الموصل، قال مصدر في مجلس أعيان الموصل لـ(IMN) إن "عصابات داعش تجبر الأسر الموصلية، على استضافة الإرهابيين الأجانب  داخل بيوتها".

 

الخيار النوعي

إن غياب الخيار المحلي النوعي وعزوف الناس عن اخذ مراكز قيادية في مجاميع "داعش"، اضطره الى تجنيد الناس بالقوة في فصائله المسلحة.

 

وبموازاة ذلك، فان ظاهرة الملثّمين بين افراد "داعش"، ليست "اعتباطية"، بل دليل على خوف هؤلاء الارهابيين من اهالي البلد الاصليين، فيسعون الى محاكاة عاداتهم وتقاليدهم والتمويه عل هوياتهم  الغريبة، من دون جدوى.