حينما اختفت الطائرة الماليزية أم أچ 370 في لجّة المحيط ، قالت الأنباء إن إيرانييْن كانا على متنها ، و كانا يسافران بجوازات غربية مزورة . لم يكن هذا كامل الحقيقة ! كان ثمة شخص ثالث ، و كان من الشرق الذي يسمونه أوسط أيضاً دون أن يقولوا يتوسّط من و من ، و كان بلده يتشابه في الإسم مع بلدهما ، حتى تكاد تحسبهما بلداً واحداً يمزح معك ، عبر استبدال النون بالقاف أو القاف بالنون . جاري كاتا ، هذا اسمه بالماليزية ، في جواز سفره المزوّر هو الآخر . كان المزوّر واحداً في جميع الحالات ، و من غير المعلوم بأية عصابة تزوير يرتبط ، فهي كثيرة في جنوب شرق آسيا . هل كان المزوّر يمزح مع عبد الحسين لازم الدهيري عندما أطلق عليه اسم جاري كاتا في الجواز الماليزي المزيف ؟ ألا تعني جاري كاتا إصبع القدم ؟ لا يهم الدهيري ماإذا كان المزوّر يمزح أو يسخر . المهم أن جوازاً محترماً كان يتربع في جيب قميصه عندما استقلّ الطائرة ، و لماذا كل هذا الإعتراض يا أخ ؟ أليست بعض أسمائنا في بلادنا أحطّ من أصبع القدم ؟ هناك زبالة و گطل و طوينة و چليب و جحيش أيضاً ، فلِم الإعتراض ! بعد خمس سنوات من الإقامة غير المشروعة في كوالالامبور ، ملّ خلالها الدهيري تشابه الوجوه و الأجواء و الأنواء و الأعمال الوضيعة ، هاهو يتجه الآن إلى العالم الحر ، حيث الجنة الأرضية بحورها و قصورها و ولدانها ، هولندا ، التي يقيم فيها ابن خالته كاظم نفنوف الطبيلي منذ عشر سنوات . و لكن .. رويدك .. أتُراه ضلّ الطريق هذا الطيار الأخرق ؟ لماذا استدار فجأة ً و عاد من حيث أتى ؟ ليس لدى الدهيري تفسير شامل لما حدث . هو لم يقرأ فيما بعد أن الطيار مهووس بمعرفة المدى الذي يمكن أن تصل إليه الطائرة عقب نفاد وقودها ، ذلك لأنه كان الناجي الوحيد من الكارثة التي لحقت بالطائرة ، حينما ارتطمت بمياه المحيط ، و تناثرت قطعها هنا و هناك ، و من حسن حظه أن المقعد الذي كان يشغله انقلع مع قطعة عملاقة من جسم الطائرة ، صارت بالنسبة إليه أشبه بمركب عائم ، نقله إلى هذه الجزيرة غير المأهولة في أقاصي المحيط . الدهيري قارىء نهم . قرأ كثيراً عن الإتصال اللاسلكي و تعلّم إشارات مورس و عرف كيف يتصل بالآخر ، إنساناً أو سواه ، عبر طرق تخاطرية ساقه إليها شغفه بالماورائيات و الپاراسايكولوجيا . لم يكن يعرف شيئاً عما حصل للطائرة ، سوى انحدارها الشديد و سقوطها المدوّي على سطح الماء . لا يتذكر الآن هل مات كثيرون من الركاب بسبب الهبوط السريع للضغط الجوي أم لقوة الإرتطام . كان مذهولاً ، و كانت قدراته و قواه التخاطرية قد انطلقت و انفلتت من عقالها فور حصول الحادث ، و عوضاً عن أن يتابع ما جرى للطائرة و الركاب ، كان الخط الأحمر المباشر قد فُتح بينه و بين ابن خالته الطبيلي في أمستردام . كان كاظم نفنوف الطبيلي في طريقه إلى جزيرة ابن خالته الدهيري ، عندما استقل الطائرة الماليزية أم أچ 17 . أغراه حديث ابن خالته عن السلام السماوي الذي يسود أجواء الجزيرة بترك الجنة الهولندية الأرضية بأسرع مايكون . هل كانت إحدى الجزر الخضراء التي تهفو إليها نفوس الشيعة لكون مخلّصهم المقدّس يتردد على إحداها ؟ لا يدري ، لكن الصلة التخاطرية بينه و بين عبد الحسين تدفعه إلى ذلك دفعاً . قبل أن يهمّ بارتقاء سلالم الطائرة ، إلتقط صورة ً لها ، نشرها في حسابه على فيسبوك عبر الموبايل قبل أن يجعله على وضع الطائرة ، كاتباً بمزاح : إذا اختفت هذه الطائرة أيضاً ، فهذا هو شكلها ! الآن ، الطبيلي مقتنع ، أن الطائرة سقطت ، أو اُسقطت لسببٍ ما ، في منطقة قصيّة ببلاد المعكرون ( هكذا فهم . هل هي إيطاليا ؟ ) و أنه كان الناجي الوحيد ، و أن عليه البحث عن وسيلة أخرى للوصول إلى ابن خالته الدهيري في جزيرته ، و أن عليه أيضاً أن يلجأ إلى التخاطر فحسب ، بعد أن سرق المعكرونيون جميع أمتعة الضحايا ، بمن فيهم هو - فالمعكرونيون يظنون أنه ميت أيضاً - بما فيها تلفونه المحمول و حافظة نقوده !
|