يُقلب طرفيه نحو السماء تتلألأ عينيه مع بريق النجوم الساطعة ...يستذكر شريط الحياة , مهرولا خلف النبي ص ومصليا على يمينه ضاربا بالسيف مجندل الأبطال ..تُعاد الى الذاكرة حجر المجاعة و .خيانة الأمة انحرافها ،نكرانها ، تشتتها ... لا شيء يدوم سوى المواقف ....هدوء تام بين أزقة الكوفة وكأنما هناك ساعة صفر اقتربت، لا احد يخترق جدار الصمت سوى تسبيحات من شفاه علي وعيون تترقبه من الحجرة ..لأنه لم يرقد في فراشه ولم تغمض عينه ! مدينة اختلفت مشاربها وتناقضت مواقفها ونَبُت فيها الجَدل واينعَت فيها الخيانة وسقيت بأموال الغدر وأشباه رجال يسجدون في مسجد علي وقبلتهم الشام ينتظرون الخلاص من عدله مدينة تغفو بهدوء لا حدث فيها الكل مطمئن بان علي هو الحاكم وهم نائمون في عاصمته لكن في مستقبلها تنتظر نخلة ان يُصلب فيها التمار ... وأمراة سوف تسأل ذلك الحائر من أي الامصار انت ؟ وعيون ملوثة سوف ترى مشاهد من القافلة القادمة من كربلاء في مقدمتها رؤوس مضرجة بالدماء وأصوات أطفال وثكالى وانين عليل وسطها ... وقصرها الذي سوف يشهد حكايات وحكايات تحفرها دموع زينب ومن معها على صفحات التأريخ لا اعلم كم مرة استرجع علي وكم مرة اغرورقت عيناه بالدموع فهو يرى المستقبل كما يرى الحاضر ويستذكر الماضي .... اختلطت الدموع بماء وضوءه عازماً الذهاب إلى محرابه الموعود ليردد كلمة الخلود والفوز العظيم "فزت ورب الكعبـــــة " يا سيدي قد تسلل فينا بن ملجم يبحث عنك فآويناه قتلناك مرات ومرات ونلعن انفسنا كلما ذكرناك "اللهم العن قتلة امير المؤمنين" تزوجنا مطلقتك ... الدنيا التي ركعت تحت قدميك ركعنا تحت قدميها نمرغ الجباه بوحلها الآسن فالوجوه لم تعد صفراء من خشية الله بل انها كالحة تنهشها كلاب المطلقة سيدي ان صفة المتقين التي قتلت همام قد قتلناها وزُفت الينا البشرى "قوم لا نفلح ابدا " فالناس لا تطيق سماع " يا دنيا غري غيري" ومن قالها فاشل ومجنون .. فلا يجتمع القوم إلا على واعظاً عليه آثار نعمة الدنيا وزخرفها بفقدك عرفنا من هو في صفين ومن كان فيها صفين هي الدنيا هي الحاضر هي الماضي راية الدنيا وراية السلطة صفين هي الخوف من الحق ومن سطوته ومن عدلك وعزيمتك صفين افتضاحهم صفين ملك هارون والملك عقيم ... لا زلنا نعزيك ونندبك خوفاً منك وطمعاً فيك
|