مع دخولنا مرحلة جديدة مما يسمى ظلماً العمل البرلماني أجد اننا أمام انتكاسة أخرى، سببها البرلمانيون الجدد، فهؤلاء ومع أولى جلساتهم أثبتوا لنا مدى إستخفافهم بقبة البرلمان ومشاعر الشعب حين نشروا الفوضى تحت القبة، وكأنهم في سوق هرج، حتى ان الرجل (مهدي الحافظ) رئيس السن في البرلمان خاطبهم مستهزئاً (أكعدوا يمعودين هاي مو جلسة برلمان ماتعبت رجليكم)، لكنهم بقوا يتصرفون وكأنهم على أحد الأرصفة، غير مبالين بغير هواتفهم وتعليمات كتلهم وأحزابهم، ليعطونا صورة أولية، عن أربع سنوات مقبلة ستأتينا بمهازل برلمانية غير مسبوقة.
فعلى العكس من صفات اغلب برلمانيي العالم ينفرد البرلماني العراقي بصفات ما أنزل الله بها من سلطان ، وتصرفات لا علاقة لها بالمنصب الذي يشغله والأمانة التي أوكلها له الشعب المسكين، وطبعاً لا اتحدث باطلاق لوجود عدد قليل جداً ممن تمتعوا بسمعة جيدة في هذه الدورة والدورات السابقة.
ولو حاولنا ان نعقد مقارنة بين برلمانيينا وبرلمانيي الدول المتقدمة نجد ان الفارق يعدّ شاسعاً جداً ، وكبيراً حد اللاوصف ، فالبرلماني الغربي على سبيل المثال ، لا يتقاضى راتباً تقاعدياً ، في حين ان أول تشريع قام به برلمانيونا هو تحديد مبالغ رواتبهم ، واعطاؤها رقما خياليا يفوق كل التصورات ، والبرلماني الغربي لا يتمتع باية حصانة او جوازات سفر دبلوماسية بعد انتهاء الدورة البرلمانية ، بينما شرّع برلمانيونا لانفسهم قانوناً يضمن لهم ولزوجاتهم وابنائهم وأقربائهم من الدرجة الاولى جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة ، وهو قانون مضحك وفيه تجاوز خطير على الدستور والقوانين العراقية المعروفة، كما ان البرلماني الغربي لا يقدم وعوداً لا يستطيع تنفيذها ، لانه ملزم وفق القوانين بتنفيذها ، وبعكسه فهو يكون محتالاً ونصاباً من حق المواطن تقديم شكوى ضده ، في حين ان البرلماني العراقي يرفع شعار (اكذب ثم اكذب ثم اكذب .. حتى يصدقك الآخرون) فقد كانوا ومازالوا وسيبقون يكذبون على الشعب العراقي عبر شعارات براقة لا ينفذون منها ولو واحد بالمئة. والبرلماني الغربي لا يهتم بغير سماع رأي الشارع ويعمل وفق الرغبات والطلبات المعقولة والتي هي واجبه الحقيقي ، فضلاً عن متابعته لمشاكل المنطقة التي ترشح عنها وفاز ، فيما يعمل البرلماني ومنذ دخوله مبنى البرلمان على قضية الخروج بأكبر قدر من الامتيازات ، ويمارس مهنة النصب والاحتيال والسمسرة ، وينسى الشعب المسكين الذي اوصله الى هذا المبنى ، ولا يمرّ بالمنطقة التي ترشح عنها وفاز طوال الدورة التي يعيش فيها كبرلماني.
والبرلماني الغربي يعلم جيداً ان واجبه تشريعي ورقابي فقط ، لذلك يضع كل تركيزه بهذين الواجبين ، بينما يتدخل البرلماني العراقي بكل شاردة وواردة ، فتراه مقاولاً وسمساراً ومبتزاً ولصاً وصاحب شركات تحال اليها المقاولات (خاوة)، كما تجده صحفياً ومحللاً سياسياً ساذجاً ، اضافة الى ذلك تجده ملاكماً من طراز خاص.
ولو بقيت اقارن بين البرلماني العراقي وبرلمانيي العالم المتحضر فاني احتاج لجميع صفحات الجريدة لاعدد الفوارق الكبيرة والشاسعة بين هؤلاء واولئك ، لذلك اترك لكم تحديد الفوارق والانتباه في الانتخابات المقبلة الى الذين (يراوونه حنطة ويبيعونه شعير) وحذفهم من قائمة العقل الذي سيختار المرشحين المقبلين ، حتى لا نعود ونعقد مقارنات جديدة ، والحر تكفيه الاشارة..!!
|