البعث يحمل أوزار داعش

في بيان على شاكلة "الخطابات الصحافية" (نسبة إلى الصحاف) أصدرت القيادة العامة لتشكيلات رجال جيش القادسية( احدى واجهات حزب البعث) تنويها صادرا من دائرة التوجيه السياسي للتشكيلات تضمن نفي لوجود أي تعرض للأقليات الدينية في محافظة نينوى والمناطق التي يتواجد فيها الإرهاب معللين ذلك بأنه محض أكاذيب تصدرها الواجهات العميلة المأجورة (على حد تعبيرهم) ،وأمام هذا الافتضاح القبيح بودنا نثير مجموعة من التساؤلات التي نرجو للقارئ الحصيف أن يمحصها بوعيه ويتدبرها بفكره ليعرف قيمة وقدر هذه المسميات الطنانة والواجهات الكارتونية .
لا يشكك إلا جاحد أو متغابي أن داعش ودون حياء أو خجل أو خوف أعلنت بشكل صريح وفي بيان وزع على رؤوس الأشهاد أن المسيحيين في الموصل مخيرين بين أحد المصائر المريرة الثلاثة :أما دفع الجزية وهي نحو من الإتاوات التي تلبسها داعش لفظيا دينيا تخادع فيه السفهاء والسذج أو الرحيل من مدينتهم دون أن يصطحبوا معهم حتى أدويتهم الشخصية أو يواجهون الموت على طريقة السفاك الداعشي ،وإذا كانت تلك الخيارات تحمل نحو من السلامة المشروطة فإن الدواعش حكمهم وجوب قتل الشيعة على أي حال كانوا ،ومدينة تلعفر شاهد جلي لمن أراد الحقيقية ،والسؤال المفترض أمام الدجل الذي يقترفه بيان شراذم البعث ،هل أنكم في جغرافية غير التي يتمدد فيها داعش وأنتم خارج سياق هذا الفعل؟ فإذا كان الجواب كذلك ،فلماذا تتحملون وزع الدواعش وتنفون ما يعترفون به صراحة .هل أن ضرورة البيعة لهم تفرض عليكم تحمل مثل هذه التبعات ؟أم أنكم تتبرعون في تبيض صفحة الجناة؟
وإذا كان الجواب بخلاف ذلك ،أي أنكم موجودون على الأرض ،فماذا تقولون عن هذه الطوابير من البشر الذين نزحوا بليلة ظلماء دون أن يسمح لهم أن يأخذوا حتى ملابس أطفالهم ،والعالم كله شاهد ذلك وتحدث عنه وأدانه ،ولم تبق وسيلة إعلام إلا ونقلت الحادثة وصورت أختام الغزاة على بيوت المسيحيين معتبرة لتلك الأملاك غنيمة لهم؟فماذا يعني إنكاركم لذلك.
يوجد مثل شعبي يقول "من يسوق الحمار لا يستحي من أفعاله" ،فعندما تشكرون داعش والقاعدة في خطابات قادتكم ،كما ظهر واضحا في خطاب الدوري الأخير ،فلا تتنصلوا من مسؤوليتكم في الشراكة معهم في أفعالهم الشنيعة ،وأن هذه البيانات الصحافية لن تغير من الحقيقة شيء.
إن هذه البيانات اليائسة التي تريد إعطاء صورة مشرقة لما يجري في نينوى وغيرها من المناطق التي يتمدد فيها الغزاة لن تنطلي على الشعب العراقي والعالم ،وأن الواقع يواجه هؤلاء بلغة مختلفة ،فالموصليون ملوا وسئموا من داعش وحلفائها ،وهم ينضمون صفوفهم لينفضوا الغبار عن مدينتهم وليعيدوها الى حلتها المدنية الجميلة.