بعد خراب البصرة

ماذکرته بعض من المصادر بخصوص موافقة طهران على 4 مرشحين لتشکيل الحکومة العراقية الجديدة ليس من بينهم نوري المالکي، يمکن أن يکون بمثابة نهاية الشوط الطويل من العناد و الاصرار من جانبها من أجل فرض المالکي لولاية ثالثة.

الموقف الجديد للنظام الايراني و الذي سبقته العديد من الاشارات و المؤشرات، جاء بعد أن جرب هذا النظام کل الخيارات المتاحة و إستخدم نفوذه بمختلف الانواع من أجل ضمان بقاء المالکي لولاية ثالثة، لکن الموقف العراقي لم يکن بوسعه أبدا تحمل المالکي لولاية ثالثة بعد الاخطاء الفظيعة و المساوئ الجمة التي تخلفت عن ولايتيه السابقتين، وقد کان هناك شبه إتفاق بين معظم التيارات العراقية بأن الولاية الثالثة للمالکي تعني تدمير العراق و تحطيمه نهائيا، ولذلك فقد وقف الجميع ضده و لم يسمحوا له بذلك أبدا، وهو أمر يبدو أن طهران أدرکته و وعته جيدا ولذلك فهي فيطريقها للتخلي نهائيا عن المالکي.

هذا الموقف الذي جاء متأخرا کثيرا بحيث ينطبق عليه المثل الدارج(بعد خراب البصرة)، لايعني بالضرورة أن النظام الايراني سوف يتخلى عن نفوذه و مصالحه و أهدافه التي حققها في العراق بعد کل هذه الاعوام و بعد کل تلك الخدمات الکبيرة التي قدمها له المالکي طوال 8 أعوام، بل وعلى الارجح من أنه سوف يعمل على تسليط ضغوط استثنائية على رئيس الوزراء الجديد"خصوصا إذا کان بعيد عن دائرة نفوذه و مصالحه"، من أجل وضعه في داخل دائرته المغلقة و بالتالي ربطه بعجلة نفوذه.

الاوضاع الوخيمة و البائسة جدا التي وصل العراق إليها، کلها کانت من جراء السياسات الفاشلة للمالکي و التي کان يقف النظام الايراني خلفها جميعا، لأنه کان الطرف الرئيسي الذي يقدم دائما أنواع الدعم و الاسناد للمالکي و يريده يبدو أقوى من الجميع، لکن وصول العراق الى حافة الهاوية دفعت جميع الاطراف لتحديد موقفها بصورة حاسمة ضد إعادة ترشيح المالکي لولاية ثالثة، وان النظام الايراني الذي إستسلم أخيرا للأمر الواقع، قد جاء ذلك أيضا بعد أن تيقن من أنه ليس الرفض العراقي الداخلي بوجه إعادة ترشيح المالکي لولاية ثالثة قويا و حديا، وانما أيضا الموقفين الاقليمي و الدولي، وقد تيقنت طهران من أن سعيها للوقوف بوجه الارادة الدولية کما فعلت في سوريا، انما هو سعي لانتيجة من ورائه أبدا لأن الاوضاع الحالية کلها ضده و ليس بإمکانه أبدا أن يحقق شيئا من ذلك.