هلهولة للبعث و داعش

يعد "زكي الأرسوزي" وليس "أحمد ميشيل عفلق" المؤسس الأول لحركة البعث وواضع أسس ولبنات افكارها الاولى، وما يزال تمثاله يحتل واحدة من الحدائق التي تحمل إسمه في مركز مدينة دمشق.
حقيقة الارسوزي المؤسس يعرفها أغلب البعثيين العرب ويجهلها أغلب البعثيين العراقيين، الذين دُجنوا ولُقنوا ان عفلق هو "القائد المؤسس"، عفلق خاصم الارسوزي منذ وقت مبكر لانه رأى فيه مزاحما على تصدر حركة البعث وقيادتها، وحين حصل انشقاق البعثيين عام 1966 تبنى الجناح السوري الارسوزي باعتباره المؤسس، واحتضن بعثيو العراق عفلق، لذلك حرص هو ورفاقه ومن والاه من مزغردي "الهلهولة"، على دفن الارسوزي حيا، و شطب كل ما له علاقة بتراثه و اسمه ميتا.
عفلق هذا ربى حزبه ورفاقه على ضرورة "الانحناء امام العاصفة"، الاستخذاء امام الاعداء حين تدلهم الخطوب، وكان هو اول من استخذى امام انقلاب حسني الزعيم في سوريا عام 1949، واعلن براءته من حزب البعث و تعهده بترك العمل السياسي.
فالقائد المؤسس كان سياسيا بارعا في امتهان حرفة "الغاية تبرر الوسيلة"، ولا يهم ان تكون هذه الوسائل مشبوهة، وتاريخ البعث مليء بالامثلة والاحداث التي تؤكد هذه الحقيقة، لكن تاريخ البشرية متخم بملايين الاحداث و الشواهد التي تؤكد انه "لا يمكن تحقيق اهداف نبيلة عبر وسائل مشبوهة و غير نزيهة".
أحمد عفلق هذا تلميذ أمين لتعاليم مكيافلي، السياسي الايطالي و منظر التفكير السياسي النفعي:
- حبي لنفسي دون حبي لبلادي، - من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك.
- الغاية تُبرر الوسيلة، - أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين أحتلوا وأنتصروا، بينما فشل الأنبياء غير المسلحين عن ذلك، - ان الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس. - من واجب الأمير أحيانا ان يساند دينا ما ولو كان يعتقد بفساده، - ليس أفيد للمرء من ظهوره بمظهر الفضيلة.
- لايجدي ان يكون المرء شريفا دائما.
الا يفسر هذا الكثير من السياسات والممارسات البعثية المشبوهة؟، ويلقي شيئا من الضوء على الغزل المفضوح والتحالفات السياسية والميدانية المشبوهة بين شراذم داعش وفلول البعث الصدامي ممثلا بقيادته المدنية و تنظيماته العسكرية المتأسلمة؟، الغزل الذي نضح في مؤتمر الاربعاء الماضي في عمان، حيث كان ثقل تلاميذ أحمد ميشيل عفلق واضحا فيه الى جانب هيئة علماء المسلمين وعشرة فصائل متأسلمة مسلحة، غالبيتها واجهات لتنظيمات يشكل البعثيون سداها و لحمتها.
المؤتمرون دعوا الى الغاء الدستور واسقاط الوضع القائم، وطلب الدعم للجرائم التي تقترف اليوم في العراق باسم الثورة و الانتفاضة!.
داعش كانت حاضرة بفكرها ونهجها وثقلها الميداني، واتفق البعثيون مع الاخرين في كواليس المؤتمر و جلساته الخاصة ان داعش تشكل اليوم فصيلا من المقاومة العسكرية للحكم في العراق، لذلك فهي حليف ميداني يجب تجنب الحديث عن جرائمه و مواصلة التنسيق معه!.