قراءة بعد المؤتمر... الأردن يستخف بالعراق! |
العراق تايمز ــ كتب مصطفى الادهم: محفل لأعداء العراق:
عُقد في العاصمة الاردنية، عمان، محفل للـ "الدواعش" و "البعثية" ودعاة "الطائفية"، تحت مسمى "المؤتمر التمهيدي لثوار العراق"، وذلك في أحد فناق الخمسة نجوم، وتحت حراسة أمنية مشددة في يوم الأربعاء الماضي، المصادف؛ 17-07-2014.
عنوان المحفل - "المؤتمر" - الذي حمل في طياته مسمى "الثوار" - وصف دول الجوار الطائفي لإرهابيي العراق - يكشف عن هدف المحفل، وهوية المجتمعين. لانه وبكل بساطة يزور الواقع على أرض الرافدين. فأين هي هذه "الثورة" المزعومة؟ ـ وتنظيم "داعش" الإرهابي يحتل تقـريباً كامل محافظة نينوى، وعاصمتها الموصل. إضافة الى مدن في محافظات صلاح الدين، الأنبار، ديالى وكركوك. وارتكب هذا التنظيم الإرهابي سلسلة من المجازر بحق مخالفي إرهابه من أقليات الشبك، والتوركمان المنتمين للطائفة الشيعية، وكل معارضي إرهاب "خلافته" من الطائفة السنية. واليوم وصل إرهابه الى الطوائف المسيحية من سكان الموصل أصلاً وتاريخا. فهل في هذا الارهاب، وهذه البربرية "ثورة" و "ثوار"؟
الرسالة واضحة من عنوانها:
واذا ما غضينا الطرف عن مسمى المحفل ومحتواه. فيكفينا النظر الى قائمة حضوره فتتضح لنا بما لا يقبل الشك حقيقته. فمن الحضور: ممثل ومتحدث بإسم "حزب البعث العربي الإشتراكي" المحظور دستورياً في العراق، وخليل الدليمي، محامي الطاغية صدام حسين، والمتحدث بإسم "الجيش الإسلامي" - الإرهابي، وممثل عن "الجيش الوطني العراقي" - الإرهابي، بقيادة الفار من وجه العدالة، عزة إبراهيم الدوري. إضافة الى "جبهة الجهاد والتحرير"، و"المجلس السياسي للمقاومة العراقية"، و"هيئة علماء المسلمين" - الضارية، وممثلون عن "التيار السلفي"، و "جماعة الاخوان المسلمين" - المصنفة كعدو للنظام الأردني، وتنظيم إرهابي في مصر، السعودية والإمارات – وكـ "مقاومة وثائرة" بحسب طائفيتهم في العراق!. هذا الى جانب حفنة من "شيوخ التسعين"، و"كبار ضباط الجيش المنحل". و "فصائل المقاومة المسلحة"، و "المجالس العسكرية لثوار العراق"، و "المجالس السياسية لثوار العراق". ولم يكتمل هذا المحفل العار، إلا ويتوسطه الشيخ عبدالكريم السعدي - الذي تبرقع لبرهة بـ "الوطنية واللا طائفية" تقيةً منه حتى سقط البرقع فبانت سوئته الطائفية.
فضيحة وكذب:
هذه القائمة الارهابية لحضور المحفل، تفضح رعاته في الجانب الأردني الرسمي والأمني. المجتمعون يمثلون تنظيمات إرهابية محظورة دستورا،ً وقانوناً في العراق؛ كـ "حزب البعث"، وما يسمى بـ "بفصائل المقاومة المسلحة"، و "المجالس العسكرية الثورية". وتنظيمات أخرى مصنفة بنسختها الاردنية كـ "معادية للنظام"، و كـ "تنظيمات ارهابية" من قبل حلفاء الأردن في مصر، والسعودية والإمارات كـ "تنظيم الاخوان المسلمين". ان كان الحضور على هذا المستوى العالي من الارهاب والطائفية، فكيف بربك يمكن للأردن الرسمي التنصل منه ومن الـ 300 مجتمع!. وهل يملك عاقل أن يصدق كذب الوزير الأردني بعدم علم الأردن بالمؤتمر وحضوره ومقرراته!. فكيف وفرت لهم الأردن هذا السقف العالي من الإجراءات الأمنية المشددة!. وكيف سكتت الأردن عن تصريح الناطق بأسم هيئة حارث الضاري الطائفية عن أن المؤتمر عقد "برعاية ملكية وعلم حكومي أردني". ولماذا لم ترد عليه الأردن وهو المقيم فيها منذ اعوام؟. (1).
اختلفوا حول "داعش" وأجمعوا على خيانة العراق:
الأدهى، إن المجتمعون إختلفوا حول تنظيم "داعش" الإرهابي. اختلفوا حول الإجماع على التحالف معه. بعضهم امتدح ارهاب "داعش" بكل أريحية، وطالب أخر بالتحالف معه. بينما اكتفى ثالث بلا موقف من "داعش"، وان اتخذ، فـبعدم "التحالف العلني" معه. بينما اتفقوا بالإجماع على "إنهاء العملية السياسية"، و"إستبعاد كل من شارك فيها" - إجتثاث على طريقة البعث والدواعش المعروفة - و"إلغاء الدستور"، وتشكيل حكومة انقلابية منهم بمسمى "حكومة إنقاذ وطني" بقيادة بعثية، وأيادٍ داعشية، ومنابر ضارية! فأنظر حال العراق في هكذا مشهد؟
رد الفعل العراقي - الأولي:
المحفل البعثي الداعشي، قوبل بإستنكار عراقي عارم. شعبي، إعلامي ورسمي. ومطالبات للحكومة العراقية بإتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذه الدناءة الأردنية. خصوصاً وأنها تعد تدخلاً فاضحاً في الشأن الداخلي العراقي، وهو ما يحضره ميثاق جامعة الدول العربية، وعلاقات حسن الجوار الذي يدعي الأردن كذباً تمسكه بها. كما تعد رعاية الأردن لهكذا مؤتمر دعما للإرهاب والفتنة الطائفية في العراق. الرد الرسمي العراقي تمثل بإستدعاء سفير العراق في الأردن للتشاور. وجاءت هذه الخطوة بعد قرابة الـ 24 ساعة على نشرنا مقال (الشيخ السعدي يترأس محفل "الدواعش" و"البعث"!). (2). وهو يدخل ضمن جملة المطالب الشعبية والإعلامية والبرلمانية لاتخاذ اللازم تجاه الأردن الذي اضافة لما سبق، يتنكر لجميل العراق المتمثل بتزويده بالنفط بشكل شبه مجاني، بينما يمتنع حلفاءه في الخليج عن ذلك رغم تابعيته لمحورهم.
تبريرات مهينة للعراق:
الأكثر وقاحة من كل ما سبق تمثل بـ التصريحات الأردنية الرسمية لتبرير مؤامرتهم عبر التنصل مهنا بحجج واهية. في الحقيقة يمكن اعتبارها استخفافاً بالعراق، واستهزاء بردة فعله المرتقبة. خذ عزيزي القارئ هذه العينة من التبريرات واحكم بعدها: (رئيس الوزراء الاسبق العين سمير الرفاعي قال لـ”رأي اليوم” إن علاقات الأردن الطيبة وقواعد “عدم التدخل” الراسخة فيه، لن تترك مجالا لاجراءات دبلوماسية خطيرة تؤثر على علاقات البلدين، معتبرا تفاصيل المؤتمر الذي لم يكن فيه أي حضور رسمي، ولم يلق رعاية رسمية “شاهدا على تعذر اتخاذ اجراءات مضرذة بالعلاقات الثنائية”.). (3). (مصدر رسمي أرني مطلع قال لـ”رأي اليوم” إن استدعاء السفير من قبل بلاده للتشاور، لا يتضمن أي إجراء ضد الأردن، أو قطع أي من العلاقات الدبلوماسية، مشيرا إلى أن ذلك لا يعدو كونه “مقدمة” لاتخاذ موقف دبلوماسي، لا يستطيع الأردن التنبؤ به، مستبعدا أن يكون “قاسيا”). (4). (أكد وزير الخارجية الأردني إلى أنه "لا علاقة لنا بمضمون المؤتمر ولا بمخرجاته سوى أن نستخدم ما لدينا من نفوذ كدولة مضيفة بأن لا تكون مخرجاته تشيء بأي شكل من الأشكال إلى المسار السياسي في العراق أو المساس لا سامح الله بالدولة أو دستورها واعتقد أن البيان لم يتطرق بأي طريقة سلبية للدستور أو المسار السياسي"). (5).
وزير الخارجية الإردني يكذب نفسه بنفسه. فمن جهة يقول أن بلاده لا تتدخل في الشأن الداخلي لجيراهنا. ولا ترضى بما يهدد أمنها أو يتجاوز على الدستور العراقي. بينما حلفائه في محفل "الدواعش" و"البعث" المنعقد برعاية نظامه خرجوا بمقررات تهدد علانية النظام الديمقراطي الوليد في العراق، ويطالبون بألغاء كل الدستور، وليس فقط التجاوز عليه. فماذا كان رد الفعل الأردني؟ وأما مسألة الحضور الرسمية الأردنية فهي أتفه من الرد عليها.
فوبيا التمثيل الدبلوماسي العربي:
ان "فوبيا التمثيل الدبلوماسي العربي" في بغداد هي من جملة أمور أوصلت دول الجوار العراقي للتمادي في التعدي على العراق، والتدخل في شأنه الداخلي، وتهديد أمنه القومي، وسلمه الأهلي، بل والاستخفاف به، وبردة فعله. لأنهم يعلمون ان القوى السياسية الحاكمة تعاني من "فوبيا نقص التمثيل الدبلوماسي العربي" في العراق. لأنهم لا يقيسون شرعيتهم من شرعية انتخابهم بل من عدد الدول العربية الممثلة دبلوماسيا في بغداد. رغم ان هذا التمثيل في أكثره تمثيل هزيل ومهين للعراق. العراق ليس وليد اليوم كي يستجدي التمثيل او الاعتراف الدبلوماسي العربي. وجود هذا التمثيل مع تجاوز دوله على العراق يفقده معناه فلا داعي له. هذه سوريا خرجت من الجامعة العربية فماذا حصل؟ لا شئ. بل السؤال هو هل يتجرأ الأردن على رعاية مؤتمر علني للمعارضة السورية؟ ليبيا ـ القذافي هددت العرب وجامعتهم بالخروج منها فهرولوا لطرابلس الغرب متوسلينها البقاء. فلماذا هذه الفوبيا غير المبررة عراقياً؟ الأردن بحاجة الى العراق وليس العكس. يكفينا ميناء البصرة كمعبر تجاري. والعراق ليس دولة جنوب السودان وليدة الأمس - مع كامل الاحترام لشعبها - كي يستجدي التمثيل الديبلوماسي العربي بهذه الذلة ويستعد لقبول المهانة ثمناً له.
ما العمل:
ان العراق اليوم وبعد هكذا تبريرات أردنية رسمية لا تقل وقاحة عن وقاحة رعايتهم محفل "الدواعش" و"البعث" المهدد للأمن القومي العراقي، وسلمه الأهلي، أقول العراق مطالب بطرد السفير الأردني من بغداد، وسحب البعثة الدبلوماسية كاملة من عمان، وإيقاف التجارة عبر ميناء العقبة ومنفذ طريبيل الحدودي، وطبعا إيقاف الدعم النفطي للنظام الأردني المتآمر مع "الدواعش" و"البعث" وعتاة الطائفية من أعداء العراق.
ان قطع كل أشكال العلاقات مع الأردن هو رسالة قوية لدول الجوار، والمحيط الاقليمي، والمجتمع الدولي. مصر ـ السيسي مثال. حيث قطعت علاقاتها مع تركيا ـ أردوغان، ولم يرف لها جفن، رغم الضغط الدولي الذي كانت تعانيه.
الى من يهمهم الامر: من لا يحترم نفسه ولا يحترم تمثيله لا يحترمه خصومه ولا حتى حلفائه. وقبول بغداد الرسمية بالتبريرات المهينة من عمان الرسمية رسالة خنوع مذلة للعراق تعطي مؤشرا لدول الجوار على التمادي في التدخل السلبي في شؤونه وتشجع دول أخرى على ركوب الموجة. فهل وصلت الرســـــــالة!. |