القول العراقي الشائع " دهن ودبس " يشير ويؤكد متانة العلاقة بين الاشخاص ، ويصلح في الوقت ذاته ليكون صفة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول ، في اطار الحفاظ على المصالح المشتركة السياسية والاجتماعية وحتى الثقافية ، وفي بعض الاحيان تتطور العلاقة الى ابرام اتفاقيات ثنائية في مجال الدفاع الامني المشترك ، لمواجهة الاعتداءات الخارجية ، وضمان استقرار الاوضاع الامنية ، والحفاظ على الامن الوطني بمساعدة دولة كبيرة لاخرى صغيرة ، لا تمتلك قدرات عسكرية كبيرة ، فتستعين بالاصدقاء ترتبط معهم بعلاقة من نوع" دهن ودبس" لتعزيز قدرات قواتها المسلحة وتزويدها بالمعدات والاسلحة الحديثة فضلا عن الخبرات والمعلومات لإحباط مخططات جماعات وجهات ارهابية تسعى للإطاحة بالنظام السياسي . في سنوات سابقة اثبت العراق انه البلد الكريم الوحيد في المنطقة ، فكان يمنح المساعدات المالية لبعض دول الجوار لطالما ابدت دعمها وتأييدها لمواقفه السياسية ، فذهب المال العراقي بطريقة الكرم البرمكي الى عاصمة عربية ،أبدت مواقف مؤيدة للحرب العراقية الايرانية ، واثناء فرض عقوبات الامم المتحدة بعد غزو الكويت ، اصبحت تلك العاصمة المنفذ الوحيد لاستيراد البضائع ، واستقبال المسؤولين ، فحصلت على النفط باسعار تفضيلية ، وانطلاقا من من الايمان والحرص على العلاقة بين الطرفين بمستوى " الدهن والدبس " تبنى المسؤولون الجدد نهج اسلافهم ، فصدرت قرارات بمنح الصومال مساعدات مالية بملايين الدولارات. العاصمة الاردنية عمان احتضنت مؤخرا مؤتمرا اثار استياء وغضب اوساط سياسية عراقية ، لان المؤتمر يهدف الى اسقاط النظام السياسي ، فارتفعت الاصوات المطالبة بحرمان الاردن من النفط العراقي ، للضغط على المسؤولين الاردنيين لمراجعة مواقفهم ،وتقديم اعتذار للحكومة العراقية ، ومعروف عن السلطات الاردنية انها تتعمد فرض اجراءات مشددة بحق العراقيين في بعض الاحيان تصل الى منعهم من الدخول لاراضيها. اكثر من مؤتمر عقد خارج العراق بتمويل من دول عربية ، فشل في تحقيق اهدافها ، لان الجبهة الداخلية ممثلة بأطرافها السياسية كانت علاقاتها متينة ، ولكن باندلاع الأزمات وبروز حالة الاستبداد والاستحواذ على السلطة من قبل طرف على حساب اخر ، فقد المشهد العراقي الدهن والدبس ، وانعكست تداعيات ذلك على العلاقات الخارجية ،واصبح الحديث عن التدخل الاقليمي في الشأن العراقي ، مظهرا بارزا في تبادل الاتهامات ، ايران تدعم الشيعة ،والسعودية وتركيا تطالبان بإنصاف السنة وإنقاذهم من التهميش والإقصاء . أمام رئيس مجلس النواب الجديد سليم الجبوري امتحان صعب ، ونجاحه في خوض الامتحان وتجاوزه يستدعي توفير الدهن والدبس بكميات كبيرة في البرلمان ليغرف منه رؤساء الكتل النيابية الكبيرة لتحسين العلاقات وتطويرها وبما يخدم المصالح الوطنية ، وتفعيل الدور التشريعي والرقابي ، بعد إنجاز تشكيل الحكومة ،عندما تحسم الكتلة الأكبر التحالف الوطني تسمية مرشحها ، وتقدم دليلا على ان العلاقات بين القوى الشيعية المنضوية في التحالف، وتحت راية رئيسه إبراهيم الجعفري تعدت مرحلة الدهن والدبس وتجاوزت مشكلة الولاية الثالثة . |