دخلت ام احمد الى محل بيع ملابس الاطفال واختارت بعض الملابس وعرضتها على ابنائها الثلاثة لقياسها، والهم بادي على وجهها رغم سعادة الاطفال وصيحاتهم الفرحة التي ملئت المحل وهم يقيسون الملابس الزاهية التي سيرتدونها في العيد، قلت لها ارى ابنائك فرحين بهذه الملابس، ردت وانا مهمومة لعدم قدرتي على تلبية كل احتياجتهم من الملابس، بسبب ارتفاع الاسعار في شهر رمضان وقرب حلول العيد وهذا ما يحدث كل عام، اذ زادت اسعار الملابس بمعدلات تتراوح بين خمسة الى عشرة الاف دينار عن اسعارها قبل شهر رمضان وهذا ما يزيد من اعبائنا نحن اصحاب الدخل المحدود، وقد كلفتني هذه الملابس بحدود ثمانين الف دينار وهو مبلغ كبير بالنسبة لنا.مضيفة ولقد استقطعت هذا المبلغ من المصروف الشهري مما سبب لنا خللا في الميزانية الشهرية، وذلك لارضاء الاطفال لفرحة العيد وعدم كسر خواطرهم.
هذا الحديث المر لاغلب الامهات وهن يتجولن في اسواق بغداد باجوائها الحارة المصاحبة لحرارة اسعار الملابس بحسرة وانكسار لعدم قدرة تلك العوائل على ارضاء غريزة الطفولة بفرحة الاحتفال بالملبس الجديد ايام العيد.
الموظفة "ام اسيل" قالت "اعلم جيدا ان اسعار الملابس ستزداد خلال شهر رمضان وقبل عيد الفطر وقد اردت شراء الملابس قبل هذا الشهر من محلات شارع النهر ولكن المفاجئة كانت غير متوقعة اذ ان الملابس زادت اسعارها بشكل كبير عن اسعار الايام السابقة، وعند السؤال عن السبب ذكر اصحاب المحلات ان هذا الارتفاع بسبب الوضع الامني وغلق الكثير من المنافذ الحدودية، وقد عدت ادراجي ولم اشتري شيئا لعدم قدرتي على دفع مبالغ تصل الى (150) الف دينار لشراء كوستم و(30) الف دينار لشراء حذاء، وخاصة ان راتبي الشهري لا يتجاوز (400) الف دينار.
وتحدث "محمد حسن" صاحب محل بيع ملابس الاطفال في بغداد الجديدة قائلا" غالبا ما ترتفع اسعار ملابس الاطفال بشكل خاص وملابس الكبار بشكل عام خلال شهر رمضان وحلول عيد الفطر، وفي هذه الايام كان ارتفاع اسعار الملابس بشكل كبير اذ اثر الوضع الامني المتردي وسيطرة المجاميع المسلحة والإرهابيين على محافظة الموصل ومناطق اخرى من محافظات مختلفة وعلى المنافذ الحدودية وخاصة مع تركيا والتي اغلب بضاعتنا منها، وكذلك صعوبة وصول البضائع من
بقية الدول، مما اضطر التجار لنقل بضائعهم عبر طرق اخرى مما استدعى كلف نقل اضافية، مستدركا وبما ان التاجر يبحث عن الربح دائما وبكل الوسائل لذا فمن يتحمل هذه الاضافات هو المواطن.
وبينت "ام سجاد" وهي ربة بيت انها لم تشتري لأطفالها ملابس جديدة للعيد منذ سنوات عديدة لغلائها وارتفاع أسعارها وعدم امكانية زوجها الذي يعمل عامل بناء على توفير المبالغ لذلك اذ تتراوح ايام عمله خلال الاسبوع اربعة ايام في احسن الأحوال والأجور التي يحصل عليها لا تكفي لسد معيشتهم من اكل وملبس، لذا فأنها تقوم بشراء الملابس المستعملة (البالات) لأبنائها لرخص اثمانها.
معاناة لا تنتهي في هذا الشهر من كل عام للعوائل ذات الدخل المحدود، بغياب الدور الحكومي في تحديد الاسعار ومراقبة التجار والعمل على فتح الاسواق المركزية المدعومة من قبل الحكومة كما كان سابقا، اضلفة الى تسهيل حركة نقل البضائع عبر فتح منافذ حدودية جديدة. والاهم من هذا كله اعادة صناعتنا الوطنية للملابس الجاهزة وتأهيلها لما تتمتع به من كفاءة وجودة عالية كمعمل النجف لخياطة الملابس ومعمل البسة المحمودية وتشجيع معامل القطاع الخياطة للقطاع الخاص ودعمها لانتاج الملابس.