رائع أن يكون لدينا رئسا يتحلى بصفات فؤاد معصوم الشخصية وقدراته الثقافية واصوله الرفيعة, وهذا من جانبه يؤكد أيضا على أن الأكراد أفضل كثيرا من العرب على صعيد إختيار الشخصيات التي تمثلهم, فالولاء إن كان اساسيا فهو لا يتقدم على الكفاءة. على السطح تبدو العملية السياسية الحالية وكأنها حققت للعراق واحدة من المشاهد التي تؤكد على الهوية الوطنية الإنسانية. لكن ما يجعل المشهد مثلوما هو أن الرجل حصل على موقعه الرفيع هذا من خلال ثقافة وآليات محاصصة قومية وطائفية لا سبيل إلى إغفال ما تسببت به من دمار وتخلف. لو ان كرديا أو تركمانيا أو كلدانيا اصبح رئيسا للعراق من خلال معادلة وطنية ديمقراطية لكان وجوده على رأس السلطة دليل عافية عراقية بكل تأكيد, ولو أن فؤاد معصوم شخصيا كان نتاجا لهذه المعادلة الأخيرة لكنا الآن على درجة كبيرة من الأمان والرقي, لكن الرجل أصبح رئيسا تأسيسا على هويته القومية وليس على هويته الوطنية العراقية. إن أمرا كهذا لا يتفق مع الحالة التي نتمناها, اي أن يأتي فؤاد (الكردي) كممثل للحالة العراقية في صفوف العرب والأكراد وبقية العراقيين بدلا من أن يكون ممثلا للأكراد في الحالة العراقية. أدري بان أل (لو) لا يمكن الإعتماد عليها لتحديد شكل الخيارات السياسية, فالواقع شيئ والتمني شيئ, والسياسة في جانب منها ان تستخرج من الواقع ما هو جيد بشكل نسبي, لكن الذي أدريه أيضا أن لا سبيل هناك لعودة العراق وطنا للجميع وجزء من عالم متحضر ما لم نعيد هذه الـ (لو) من خانة الحلم والتمني والخيال إلى خانة البديهيات. وفي الخانة الأخيرة كنا سنحضى بفؤاد معصوم معصوم. معصوم كشخص ومعصوم كنظام لكني أظن ان (لا معصومية) دولتنا سوف لن تعطي لأي معصوم, حتى لو كان فؤاد معصوم, فرصة أن يعصمها من أخطائها القاتلة.
|