ماذا يعني رئيس كردستاني للعراق الآن؟

 ما يعنيه أن يكون رئيس العراق شخص ترشحه كردستان، حتى إن كان شريفاً، أو ما يعنيه تشكيل حكومة تضم أحزاب كردستان بعد كل ما حدث، هو "تطبيع" ما قامت وتقوم به كردستان، واعتباره سياقاً مقبولاً، وهذا يعني الكثير...

 

***  إنه يعني أولاً اعتراف فعلي بأن كركوك وكل المناطق المتنازع عليها اصبحت جزءاً من كردستان... 

 

***  وهذا يعني عملياً، إنه يعني أن من حق البيشمركة، إن وفرت القوة الكافية، أن تستغل أية إشكالات أمنية لتستولي على أراض عراقية جديدة وتحتفظ بها، وتصبغ الأعلام العراقية بألوان علمها...

 

***  و يعني أن من حق البيشمركة أن تستغل أية إشكالات أمنية لتستولي على أسلحة الجيش العراقي وتحتفظ بها.. 

 

***  ومن الطبيعي أن كل محافظة ، سواء شكلت إقليماً أو اعتمدت على قوة ميليشياتها لفرض الأمر الواقع، سيكون من حقها ما لكردستان..

 

***  ولذلك فهذا يعني أن كل محافظة، إن تمكنت من رشوة رئيس حكومة بغداد، فلها أن تحدد بنفسها عدد سكانها ونسبتهم وتحصل على تلك النسبة من الميزانية وعدد النواب والوزراء... 

 

***  وهو يعني أن كل محافظة سيمكن لها أن تعلن لنفسها قانوناً خاصاً للنفط أو الأحوال المدنية أو غيره، وسيكون لها أن تصدر النفط، أو أية ثروة لديها، بشكل مستقل عن المركز.. 

 

***  إنه يعني أن بقية المحافظات سيكون لها أن تنقب عن الثروات وتوقع العقود مع الشركات بشكل مستقل عن المركز، بل ولها أن تضارب وتغري الشركات بترك بغداد والعمل عندها، وتعلن على العراق حرب أسعار لتنافسه فيها على ما تمنحه للشركات وتخرب عقوده معها...

 

***  ثم أنه يعني أن سيكون لها الحق بمطالبة الحكومة المركزية بـ "مستحقات الشركات".. وطبعاً بدون أن تقدم اية وصولات.. 

 

***  إنه يعني أن من حق أية محافظة ، خاصة الحدودية، ان تشكل ميليشياتها من "حرس الحدود" بشكل مستقل عن المركز ...

 

***  وهو  يعني أن لها الحق أن تعلن أية مناطق ترغب في السيطرة عليها،  كمناطق "متنازع عليها" مع أية محافظة مجاورة ... 

 

***  ويعني أنها إن تمكنت من جعل قواتها قوية بما يكفي، فيمكنها أن تستولي على بعض تلك المناطق وكذلك أية أسلحة عراقية تتمكن من قرصنتها وتحتفظ بها.

 

***  وهو يعني أن من حقها أن تقطع الحدود وتستولي على أموال الجمارك لكل البضاعة الداخلة إلى العراق من خلالها...

 

***  ويعني أن من حقها أن تطالب بحصتها الكاملة من الميزانية حتى دون أن تدفع أي برميل نفط أو دولار مساهمة منها فيها.. 

 

***  ويعني أن يكون لها دستور له الأسبقية على دستور البلاد...يكتبه لها كالبريث أو شبيه له متخصص في الإبتزاز السياسي، ويقدم لمجلسها المحاضرات في كيفية خلق الأزمات مع المركز والإستفادة منها... 

 

*** وسيعلن مستشارها لها أنه سيكون لها ثلاثة أنواع من أعياد الإبتزاز للحكومة، أحدهما سنوي عند إقرار كل موازنة ، ونوع ثان أكبر كل أربعة سنين عند تشكيل الحكومة الجديدة، ونوع ثالث من أعياد متفرقة اخرى حسب الأزمات المتوفرة..

 

***  وسينبؤها "كالبريثها" أن من حقها ومن مصلحتها أن ترعى مؤتمرات التآمر على الحكومة المركزية ولا تهتم لصراخها...

 

***  وسيخبرها أن رئيس الحكومة حين سيحرج، سيصدر بعض الضوضاء العالية ويهتف بين الحين والآخر بأنه "ولي الدم"، و "سوف يصبغها بالدم".. سيقول لهم.. أن يتحملوا ذلك الجزء من المسرحية الضرورية لتهدئة القطيع، سريع النسيان... 

 

***  ويخبرها سراً بأن من حقها، إن وحدت كلمتها، أن تمنع تغيير الدستور الذي يوفر لها سلطة مفردة على المركز وقدرة على شله!...

 

***  وسيعلمها هذا أن خير طريقة لتثبيت الإبتزاز الأول هي أن تخترع بسرعة إبتزازاً ثانياً ، وأن تطالب به بكل قوة وحماس وكأنه حقها الأكيد، فتبعد الأنظار عن الأول حتى ينساه الناس...

 

***  سيقترح أيضاً أن يتلقى نوابها في برلمان بغداد تدريباً لدى محتالي الشوارع للتلاعب بالأرقام لتظهر حصتهم بأقل من حقيقتها بثلث القيمة فتخفي السرقة والرشوة، ويكسبوا تعاطف جمهورهم وبعض الحمقى من جانب الحكومة ايضاً...

 

***  ويعني أيضاً أن من حقها أن تصدر نفطها أو ثروتها بنصف سعرها إلى إسرائيل ليغذي به دباباتها التي تمزق أشلاء الفلسطينيين أو اللبنانيين أو السوريين، كلما اشتهى وحش من وحوشها ذلك .. 

 

***  وبذكر إسرائيل فهو سيقترح على كل منها أن يبحث في تاريخه عن "هولوكوست" يساعده في الضغط والإبتزاز...

 

***  وسيذكرها ويشدد عليها بضرورة التهديد بالإنفصال كلما رفض لها ابتزاز جديد،  وأنها ستجد جوقة "مثقفين" تدافع عن حقها بـ "تقرير المصير"، ويؤكد لها أن بغداد هي التي ستقوم في كل مرة بالتوسل بها أن لا تنفصل لكي لا تحطم "وحدة الوطن"!!

 

***  إن رئيس كردستاني للعراق الآن يعني كل هذا، وهو يعني أيضاً ... أشياء أخرى ستعلمنا بها الأيام القادمة، فتلك السلسة تراكمت بالتدريج لكي لا يصدم هولها أحد ويوقضه من نومه، ولا يبدو أنها وصلت نهايتها....

 

***  إنه – ببساطة -  يعني.... أن كل عربي في العراق، بقي في وجهه بعض ماء كرامة بعد جلد كل هذه السنين العجاف بقيادة "رجل مرحلة التذلل والإنبطاح"، وساسة التملق والشبهات والقوا()...لن يعود يشعر بأنه في وطنه، بل غريب مستضعف، وسيخجل من نفسه لما أورثه لأولاده من وطن... ويعتزل بعيداً عن الناس ويأكله الهم حتى يصاب بالقرحة وضغط الدم والسكري، ويلعن اليوم الذي ولدته فيه أمه، ويتمنى أن يطمر نفسه في التراب ويخلص من هذه السلسة التي لا تنتهي من المهانات التي يصب ملحها على جروحه، سفلته الذين كان يأمل الخير بهم، وسيبوس الأحذية من أجل عودة الدكتاتورية التي كرهها وربما كان قد خاطر بحياته في مقارعتها، حين تصورها يوماً عدوه الوحيد الذي يقف بينه وبين الحياة "الكريمة"!.... وسيضحك بهستيريا عندما يذكر تلك الكلمة! 

سنجد الكثير من الضحك الهستيري في الجانب العربي، وضحك التشفي في الجانب الكردي... وستستمر سلسلة الإبتزاز والمذلة في الإرتفاع حتى يفطس هذا البلد تحت ثقلها، ويخنق تحت ترابه شعبه الأخير الذي قبل الدونية في بلده، وأرتضى المهانة بلا حدود، وانشغل بالبحث عن تبريرات لتطبيعها بلا كلل...

هذه ستكون تداعيات تولي مرشح كردستان، لرئاسة العراق... بشكل خاص، الآن!