طهران و مخططها الجديد

بعد أن إنتهت کل الطرق التي سلکها النظام الايراني من أجل الابقاء على نوري المالکي لولاية ثالثة، وبعد أن تيقن أن کل المناورات و الحلول الوسط و إعادة خلط الاوراق لاتجدي نفعا، فقد صار في حکم المٶکد إستسلامه و رضوخه الکامل لمسألة صرف النظر عن بقاء المالکي لولاية ثالثة و الترکيز على مرحلة مابعد المالکي.

إنتخاب رئيس لمجلس النواب العراقي و من بعده رئيس للجمهورية، يدل على أن طهران مع تمسکها في الايام السابقة بالمالکي، فإنها في نفس الوقت کانت تبذل جهودها و مساعيها من أجل إمساکها برٶوس الخيوت و عدم ترك الامور تجري في منحنيات قد تضر بمصالحها و نفوذها في العراق مستقبلا، ولهذا فمن الخطأ جدا التصور بأن إنتخاب رئيس للبرلمان و رئيس للجمهورية قد تم بعيدا عن أنظار طهران و دون علمها او مشورتها، بل وان اوساط عديدة تٶکد على محورية دورها في الانتخابين.

النظام الايراني و بعد ان إستسلم للأمر الواقع و قبل بالتضحية بالمالکي، فإنه ومن دون أدنى شك لديه مخططه و سيناريوهاته المختلفة لمرحلة مابعد المالکي و التي ستسعى لإبقاء هيمنته و نفوذه على حاله و عدم الاضرار به، خصوصا وان خطر التهديدات الجديدة المحدقة به و التي تغمز کلها من زاوية مغالاة هذا النظام في إستخدام نفوذه بالعراق و تصوفه وکأن العراق مجرد إقطاعية تابعة له، قد دفع بالاوضاع في العراق الى هذا المفترق الخطير، وان الموقف الدولي حاليا من الاوضاع في العراق يميل الى ممارسة الضغط على طهران للکف عن تدخلاتها التي صارت استثنائية و تهدد ليس الامن القومي في العراق بل وحتى الامن القومي العربي، ولهذا فإن طهران أدرکت بأن دورها في العراق قد صار تحت الانظار بقوة وان العراق هو غير سوريا و غير لبنان او اليمن، فإنها تحاول التأسيس لمخططات جديدة و قد تکون هناك ثمة مفاجئات سياسية و حتى أمنية جديدة قد تقود الى مفترقات طرق جديدة تعود من خلالها طهران بصورة تتأقلم فيها مع الاوضاع الجديدة.

العراق بالاضافة الى سوريا و لبنان، يشکلون معا، قاعدة أساسية للنظام الايراني کي تنطلق منها بإتجاه تحقيق هدفها الاکبر في إقامة دولة دينية مترامية الاطراف تفرض نفسها ليس على المنطقة فقط وانما تجعل المنطقة کلها بصورة او بأخرى تخضع لنفوذها، ولهذا فإن على اولئك الذين يعتقدون بأن النظام الايراني سوف يتخلى عن دوره بالعراق بعدم ترشيح المالکي لولاية ثالثة انما هم يعيشون حالة وهم ولايعرفون حقيقة و مستوى النفوذ الايراني في العراق، وکما قلنا العبرة ليست في تبديل الوجوه وانما في إيجاد آلية وطنية عراقية تحد من النفوذ الايراني في العراق بإتجاه إنهائه بالکامل.