في كل يوم تقريبا تشهد أحياء متفرقة من العاصمة بغداد ، مراسم تشييع جندي في الجيش العراقي او احد المتطوعين ، استشهد في قواطع عمليات الانبار او صلاح الدين او نينوى ، فيما علقت في بعض الساحات العامة لافتات تحمل صور متطوعين مع عبارات تؤكد استشهادهم أثناء أداء الواجب ، وبقدر ما تعكس هذه المظاهر من اسى وحزن في نفوس العراقيين وتحفز ذاكرتهم على استعادة مآسي الحروب السابقة ، وما تركته من أضرار مازالت تداعياتها حاضرة اجتماعيا واقتصاديا ، وحتى سياسيا ، يترقب الجميع وعود الحكومة بالقضاء على المجاميع الارهابية ، وتطهير المدن من سيطرة الجماعات المسلحة . استمرار تنفيذ العمليات العسكرية لتحرير نينوى ومدن في محافظات عراقية اخرى من سيطرة تنظيم داعش وطبقا للبيانات الرسمية وما يعلنه المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة ، وتصريحات المسؤولين الامنيين وقادة الجيش تشير الى ان العدو يتكبد يوميا خسائر كبيرة بالارواح والمعدات ، وبات النصر قريبا، وخلال ايام قليلة وستطهر الاراضي العراقية من دنس الارهابيين ومن لف لفهم واذنابهم على حد قول احد رجال الصحوات من شيوخ الانبار المعروف بتصريحاته التي تقول بان عناصر تنظيم داعش لا يتعدون مئة شخص من النفر الضال دفعتهم دول عربية لارتكاب جرائم ضد العراقيين . السوق العراقية وفي ظل الاوضاع الامنية الراهنة شهدت ارتفاعا ملحوظا بأسعار جميع البضائع ، فضلا عن ذلك ان بعض العراقيين الذين يفضلون قضاء عطلة العيد في اقليم كردستان فشلوا في الحصول على تذكرة سفر من مكاتب الخطوط الجوية العراقية المنتشرة في العاصمة ، للتوجه الى اربيل ودهوك والسليمانية فاصبح سعر التذكرة في السوق السوداء اكثر من مئتي دولار ، والسعر في تصاعد ، لان الطريق البري محفوف بالمخاطر ، ومن يجازف بالسفر عبر طريق بديل لابد ان يخضع لتسعيرة سائقي السيارات . النجار شنيار حجز لزوجته قبل شهرين موعدا لمراجعة طبيب مختص بالأمراض القلبية مقيم في اربيل ، وعندما علم بان السفر الى اقليم كردستان اصبح مغامرة، والحصول على تذكرة الخطوط الجوية العراقية يتطلب الدفع بالعملية الصعبة ، قرر تنفيذ فكرة سابقة اعتمدها منذ اندلاع الحرب العراقية الايرانية ، بأن يصنع تابوتا ويجعله تحت تصرف الاقارب والمعارف ، وعلى الرغم من اعتراض الكثيرين وفي مقدمتهم زوجته على ممارساته التشاؤمية ، وفال الله ولا فالك ، نفذ النجار شنيار فكرته ، لاعتقاده بان العراق لن يطوي صفحة الحروب ، وسيبقى الابناء والاحفاد يدفعون ثمن حماقات ونزعات المتشبثين بالسلطة. المقربون من شنيار لطالما وصفوه بانه اشهر نجار في بغداد ، تخصص بعمل الابواب والشبايبك بدون استخدام المسامير ، ويعيبون عليه رغبته في صنع التوابيت ،فيواجه اسئلة المعترضين بالصمت ويكتفي بالاشارة الى اللافتات السود ، وانطفاء حالة الفرح لدى معظم العراقيين حتى اثناء حلول ايام العيد .
|