تطهير القضاء ينهض بالعملية السياسية |
اجتثت هيئة المساءلة والعدالة رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود بعد ان درست ملفه بامعان وصوت خمسة من اصل سبعة مع القرار ليسدل الستار على قاض أثار جدلا واسعا وكان معرضا للنقد باستمرار ، بل موضع شبهة في موالاته للحكومة طوال السنوات الماضية . حاول اعضاء حزب الدعوة في الهيئة الدفاع عنه دون جدوى ، فالوثائق اقوى بكثير من اي منطق، وكانت دامغة وواضحة للهيئة ، والمناصب التي تقلدها لا يمكن ان تجعل منفذا له مع قرار غير قابل للنقص او الاعفاء . لقد اثار ذلك نواب واستفزهم وهاجموا الاجتثاث ، بعد ان تشبثوا به لآخرين واتهموا من اتهموا بانهم يريدون اعادة حكم البعث و 8 شباط الاسود في استعارة واشارة الى انقلاب 1963 الدموي الذي اطاح بنظام عبد الكريم قاسم . الواضح من التصويت ان هناك اجماعا بين القوى السياسية الاخرى على طي صفحة من خضوع القضاء الى السلطة التنفيذية او ممالأتها والتناغم مع رغباتها وارادتها على حساب بناء دولة المؤسسات ، والتأسيس لسلطة قضائية مستقلة قوية ، كما نراها في بعض البلدان كيف تقف في وجه الحكام عندما يحاولون لي القانون او انتهاك الدستور ، وجذبه الى جانبهم ومصالحهم . من المؤمل ان تنظر الهيئة في ملفات اخرين ممن يشتبه او يعتقد بانهم كانوا جزءا من النظام البائد وعملوا على تمرير سياسته وظلموا شعبنا في احكامهم ، ولم يكونوا عادلين او نزيهين ، انهم وقفوا مع الجلاد لادامة حكمه البغيض والكريه ومساعدته على تأسيس الدكتاتورية واستمرارها . ان الفرصة سانحة لأعادة النظر في بناء السلطة القضائية وتطهيرها ،واولى الخطوات تبدأ بالحصول على مصادقة مجلس النواب على كل منصب فيها يستلزمه قانونها ، وثانيا هي مناسبة لأصلاح القضاء برمته والمباشرة بتطبيق اتفاقية اربيل وما يتوافق عليه في مجلس النواب وثالثا الاسراع بتشكيل المحكمة الاتحادية العليا لتكون مرجعاً يلجأ اليه في حال الاختلاف والخلاف ، وبعيدا عن المحاصصة ولا اشتراط سوى الكفاءة والمقدرة والنزاهة والعدالة ، ورابعا العمل على انهاء البطء والتلكؤ في انجاز الدعوى وضرورة حسمها بأقصى ما يمكن من السرعة والتشديد على إطلاق سراح الأبرياء وتحميل كل من يعرقل ذلك. خامسا مبادرة المدعي العام والقضاء لملاحقة الفاسدين والمفسدين كلما توفرت الدلائل على احدهم ايا كان ، وان يأخذ زمام الامور بيده في بعض القضايا حتى وان لم يتقدم مشتكٍ عليها . سادسا التحقيق فيما نسب من تهم على بعض القضاة والمحاسبة الشديدة واعلان نتائجها للملأ . وتحريم تسيس القضاء باي شكل من الاشكال . ان القضاء احد اركان السلطة والدولة ولا تقوم لهما قائمة من دون استقلاليته ونزاهته ، فهو ملجأ المواطن ويتجسد من خلاله احترام القانون وبناء دولة المؤسسات ، لذلك ايلاء الأهمية لإصلاحه وتوفير المناخ الملائم لاداء مهامه أمر له الأولوية في مشروع بناء الدولة العصرية .
|