تربت أجيال كثيرة من العراقيين على قيم أصبح بعضها مفقودا ، كنا نحزن لحزن الجار ونفرح لفرحه لا ننام متخمين وجارنا جائع ، إذا احترقت دار أسرة يهب الجميع لمساعدتها واستضافتها ، ويسهم حتى الفقراء بجهدهم بالعمل المجاني لإعادة بناء ما تهدم ، لو مات شخص في المنطقة تمنع الإعراس والأفراح لحين مرور الأربعين ، بعضهم يتحرج من الاحتفال إلا بعد مرور سنة ! . أين أصبحت هذه القيم ؟. عبعوب أمين - نيويورك ستي - يريد الاحتفال بالعيد بإطلاق الألعاب النارية في سماء بغداد بمناسبة العيد ، الأسر المهجرة تملأ مدارس بغداد وأزقتها. بدل ان يسهم ويخفف ويسهر على راحة الأسر المهجرة يريد الاحتفال والعراق يمر بمأتم سرادقه بسعة الوطن !!. إذا كانت دوائر الحكومة لا تستحي ولا تخجل كيف نطلب الخجل والأصول من الآخرين ؟ . في أوقات الكوارث الوطنية تتجه عيون الشعوب إلى قادتها وترصد أفعالهم وأقوالهم . شنق عمدة مدينة فوكوشيما اليابانية نفسه بعد أيام من الزلزال لعجزه وإدارته عن توفير الماء الصالح للشرب لمواطني مدينته . لم يكن العمدة مسؤولا عن كارثة التسونامي لأنها حصلت بفعل زلزال ضرب أعماق المحيط ، لكن شعوره بالتقصير تجاه مواطنيه دفعه للانتحار. لا ندعو مسؤولينا للانتحار لأنه محرم في ديننا ، وهم مسلمون وإسلاميون للكشر ، لا نطالبهم بالاستقالة لأنهم ادني بكثير من ثقافة تحمل المسؤولية والشعور بالذنب ونقد الذات ، لان ثقافة الشعور بالذنب والاستقالة ثقافة غربية ، وهي ثقافة بعيد كل البعد عن ثقافة التمسك بالكراسي والفرهود والخمط . هذه الثقافة من اختصاص المسؤولين العرب والعراقيين خصوصا. المصائب التي نجمت عن احتلال الموصل وتكريت ومدن عراقية أخرى ، وما نتج عنها من كوارث أدت في اقلها إلى موجات من النزوح والتهجير ألقسري شملت للان عشرات ان لم نقل مئات ألاف من الأسر العراقية ، التي لا ذنب لها بكل التقاطعات السياسية والإخفاقات والهزائم الأمنية ، التي كانت سببا في تشردهم . كنت أظن أن تلك الكوارث والماسي ستمنع ظاهرة العراك على المناصب ولو ظاهريا احتراما لشعور مئات الآلاف من المواطنين المشردين ، الذين لم توفر لهم الدولة للان ادني سبل العيش واقل المستلزمات البسيطة ، التي تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم ، لكن خاب ظني وظن الكثير من العراقيين . لو انحدرنا إلى أضيق تفكير وأشده كرها بالنسبة لي ولغيري ممن يضعون المواطنة هي المقاس ، لو نزلنا إلى مستوى تفكير البعض وبحساب طائفي وقلنا : أما يستحي من يتصارعون على الكراسي من الساسة الشيعة تحديدا من جمهورهم وممن انتخبهم بالأمس. الشيعة الذين قتلت أسر كاملة منهم والذين هجروا ، وارتكبت الجرائم ما تزال ترتكب بحق مناطقهم من قتل وتهجير ونسف ومصادرة بيوتهم وممتلكاتهم في الموصل وبعض مناطق كركوك.هذه الجرائم لم يعانوها حتى في زمن حكم البعث وصدام ، وساستهم يتصارعون على كرسي رئاسة الوزراء ومن هي الكتلة الأكبر. ما بالك لو تكلمنا على نطاق وطني اشمل ، وتحسس المسؤولون جباههم . ولو لمرة هل نزل أم جف ماء الحياء في جباههم ؟ . لما يعانيه المسيحيون والأقليات والسنة المناهضين والمقاومين للدواعش ، ما حل بهم من تهجير وقتل ومصادرة وتدمير للبيوت والممتلكات. يشعرون مثلنا لما حل بالوطن من خراب وما ينتظره من مخططات ستؤدي لو نجحت إلى تقسيمه ؟ .أم أنهم مشغولون ولاهون بالعراك على المناصب!. الآسر العراقية التي تسكن مناطق تسمى (آمنة) تشكو انعدام الأمن وقلة الخدمات وتشعر أنها معنية بمهمة تضامنية مع من هجروا من أبناء الوطن . كل هؤلاء يشعرون بالاشمئزاز وهم يستمعون إلى أخبار الصراع على كرسي رئاسة الوزراء والكتلة الأكبر ، وإشراك المحكمة الاتحادية كي تقرر من هي الكتلة الأكبر. هل هو التحالف الشيعي أم دولة القانون ؟. يا للمهزلة ..ان يكون كل همهم كيفية الحصول على كعكة الحكم ورئاسة الوزراء ولا يفكرون بذات الدرجة من الاستقتال على إغاثة النازحين أو التفكير بإيجاد البدائل المناسبة لهم . الاستحقاق الانتخابي والكتلة الأكبر والكتل الأصغر حق لمن فاز ومن انتخب، لكن في ظل أجواء مشحونة بالحزن والآلام والكوارث ، كان من المفترض ان يتصارع المتصارعون في الساحات الخلفية ويبعدون الوطن والمواطن والإعلام عن سماع ومشاهدة عروض سيرك بائسة وحركات بهلوانية ومسرحيات هابطة ، لا تحظى بأقل قدر من احترام أغلبية العراقيين . الخجل من الشعور بالتقصير من الضحايا وأسرهم والنازحين يجب ان يكون اكبر من التفكير بالكتلة الأكبر والمنصب الأكثر دسما.
"ان تعامل الناس بعد بلوغ المجد كما كنت تعاملهم قبل بلوغه فذلك هو المجد"
|