عودة الكعبي .. حكّاء السخرية السومري |
أتذكر فيلسوف العبثية الكبير ألبير كامو كيف يضع العبث جواباً لما ليس له حلاً. اتذكره وهو يصف حياتنا، مماتنا، احزاننا، افراحنا، مسرحنا، غناءنا، ثوراتنا وكل تفصيلات الحياة الأخرى على إنها عبثٌ لا معنى له. تتمحور الإشكالية الوجودية الكبيرة عند كامو حول لا جدوى العلاقة بين ما يريده الانسان بوصفه كائناً طامحاً وبين ما يفرضه عليه الوجود كواقع لا مفر منه. لا يمكن التوفيق بين شكل العلاقة التي يبحث عنها الانسان وبين واقعه الخارجي. حتى الحب عند كامو عبث طالما تنعدم إستمراريته مع الزمن. لا شيء يبقى للأبد على حاله، فكلُّ تجربةٍ متغيّرة. الخوض في تجربةٍ ما لفترةٍ معينة يجعلها مملّة، لدرجة يتركها صاحبها ليبحث عن تجربة أخرى، وهكذا في كل مرة لتتحول تلك الممارسة الى ممارسة عبثية فاقدة للمعنى. هذا مختصر فلسفة كامو الذي عرف لها نهايتين. الاولى ان يتمرد الانسان على هذا العبث المستمر ويصنع له وجوداً متحدياً لتلك الرتابة من خلال تكرار الرتابة نفسها احياناً، مثل مثال سيزيف مُدحرج الصخرة العظيم الذي يضرب به مثلاً فيلسوفنا كامو. والثانية التي لا يتمناها، الانتحار والتخلّص من هذا الوجود العبثي برمته. فعلى الرغم من إن الانتحار عند كامو هي لحظة صادقة يصلها الانسان بعد اكتشاف حقيقة ذلك العبث لكنه لا يدعو له، لإن الانتحار خضوع لقوانين العبث نفسها. وها أنذا اشبّه سيزيف المتمرّد على الآلهة بثائرٍ آخر قذفته المعاني الجميلة للحياة متمرداً على احزانها. صديقي الكاتب الساخر عودة الكعبي، خفيف الظل والروح الذي لم تنجسه الاحقاد بأنجاسها ولم تلبسه الكراهية من مدلهمّات ثيابها. يصر على كتابة الضحكة والابتسامة والفرح رغم كل هذه المآسي التي نعيشها. يصادق علي ويوآخي عمر. يحب جميع اصدقائه ويحبّوه ايضاً. لا يعادي احداً مهما اختلف معه، وتلك لعمري ميزة لا يملكها اكثرنا. عودة انتصر لفلسفة التحدّي التي كان يريدها كامو، فكان مثالاً للثائر الذي بالضحكة، تمرّد على رتابة الاحزان العراقية ولم يخضع لها. إستمر في هذا ياصديقي الجميل .. إستمر ايّها الحكّاء الساخر، الثائر على الاحزان، فمثلك يجعلني أعشق الحياة ولا اكره احداً ابدا. |