الحكومة العراقية القادمة والمهمات العاجلة

في أنتظار تشكيل الحكومة الجديدة أمام العراق تحديات جمة أولها تحدي مقاومة الإرهاب وامتداداته الداخلية وتأثير وجوده النفسي والاجتماعي على عموم ساحة العراق وبالأخص على المناطق التي يفرض حضورا واقعيا على الأرض لأن طول بقاءه يعزز من الحواضن الفكرية ويقوي من تأثيراته الفكرية حتى لو تم هزم مشروع داعش وكل الفصائل الإرهابية تحت أي مسمى وانتماء , وهذا يتطلب من الدولة ممثلة بكل مؤسساتها وقواها أن تعمل على تقوية المناعة الأجتماعية وتحصين البيت العراقي بأطيافه من تأثيرات الإرهاب عبر سلسلة من القرارات والأجرات العملية والعلمية التي يمكنها ان تؤسس لانطلاقة جديدة وفاعلة للحكومة القادم أن تسير في معالجة بقية التحديات وأهمها التحدي الاقتصادي والأعماري وترميم وتطوير البنية التحتية التي دمرتها الحرب والإرهاب .
المطلوب اليوم من القوى السياسية المشتركة بالعملية السياسية والمؤمنة بالديمقراطية طريقا لبناء العراق الجديد أن تعمل معا وبغاية الحس بالمسئولية على لملمة الشتات العراقي وأعادة العمل بمنظومة التوافقات الوطنية وليس توافقات المصالح السياسية المحدودة ولتعي هذه القوى أن العراق بحاجة للعمل الصامت المخلص والفاعل والدقيق والحريص وليس بحاجة إلى تبريرات وتجاذبات لا تخدم المواطن والوطن بقدر ما تمزق روح المواطنة والأنتماء لعراق عمره بقدر التاريخ كله .
هذا الهدف النبيل يقضي من الجميع العمل معا كفريق واحد وليس كفرقاء متناقضون على أهداف مختلفة فهدف الجميع العراق ومستقبله ومستقبل الأجيال القادمة وأن تعمل على أعادة صياغة مفهوم جديد للعملية السياسية يقوم على التشارك في اتخاذ القرار وإبعاد المشاركة الشكلية التي تحصر القرارات الإستراتيجية بيد قوة محدودة مهما كانت حريصة على البلد لا يمكنها ان تقوم بجميع ما يملي عليها الواجب الوطني والأخلاقي هذا من جهة ومن جهة أخرى محاولة العمل على تجسيد روح الدستور التي أمنت به كل القوى الوطنية وأن يعاد الأعتبار له كونه الضامن الحقيق لاستقلال البلاد وتوزيع المسئوليات والحقوق على المستوى الوطني والإقليمي أيضا .
إن مكافحة الإرهاب ولتطرف والعمل ضمن أجندات خارجية يبدأ من أصلاح المنظومة الوطنية العاملة بحقولها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفساد والبطالة وأعادة توزيع المسئوليات الإدارية بدقة بين المستويات الإدارية الحاكمة وتفعيل الرقابة القانونية والمالية وتطهير المؤسسة الحاكمة من كل الطفيليين والطارئين وعديمي الإحساس بالمسئولية وتعيق مبدأ التناسب بين المسئولية والكفاءة والحفاظ على استقلالية القضاء الفعلية وأبعاده عن التجاذبات السياسية هو والمؤسسة العسكرية والتربوية , كما يجب الاهتمام بإعادة النظر في بناء القوات المسلحة تكوينا وتجهيزا وتدريبا والعمل على أن تكون القاعدة الأساسية في تكوينه المهنية والاحتراف وبعيدا عن القرارات الكيفية في الانتساب له أو دمج المليشيات والصحوات والعناصر التي لا تتمتع بالقدرة والكفاءة اللازمين ليكون عنصرا أمنيا مقاتلا ومدافعا عن العراق .
الركيزة الأهم في بناء المجتمع الجديد هما فئتي الشباب والنشئ الجديد فلابد من الأهتمام بمساري التربية والتعليم والتطوير الفني والتقني لجيل الشباب المتعلم والعاطل في غالبيته عن العمل وفتح منافذ تطويرية لزيادة الخبرات الفنية ومنح الجميع فرص عمل مدعومة مكن الدولة بدل حصر المعالجة في التعين داخل جهاز الدولة الإداري الترهل والذي يشهد بطالة مقنعة وتضخم لا يساعد في تحسين الأداء الحكومي لأنه مبني على تدخلات شخصية ن قوى سياسية تستغل نفوذها لتحشي الجهاز الإداري بأنصارها دون النظر للمصلحة العامة و ولا الحاجة الحقيقية التي تناسب الأداء وتنشط الإنتاج فيها .
إن المعالجة الاقتصادي للقطاعين الزراعي والصناعي بقيت قاصرة ومجتزأ ولا تمت لمفهوم العلم الاقتصادي ولا للتنمية بصلة ولا بد من أعادة تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي وربط السياسة الاقتصادية بالواقع وبالسوق العراقية ووفق الإمكانيات المتاحة وأعادة الحياة لآلاف المشاريع الزراعية الثروة الحيوانية والمعامل والمصانع والمنشآت الاقتصادية المعطلة وتنشيط العمل السياحي والترفيهي والاهتمام بالسياسة المالية ومتابعة الأموال العراقية المنهوبة والمودعة في حسابات خارجية واستثمار الريع الاقتصادي في تطوير بنية الاقتصاد العراقي وتنوعيه وبث الحياة فيه بدل الأعتماد على الاستيراد الخارجي الذي قتل الصناعة والزراعة في العراق .