ثوب الديمقراطية ضيق على الطغاة!

كم كان الفرح يلفني والديمقراطية بدأت تصبح عنوان الحالة السياسية والنظام الذي سيحكم بلدي العراق ويرتفع به الى مصاف الدول المتقدمة! خصوصا وأن العراق زاخر بالخيرات والنعم وهذا يقين! وبالكفاءات والفطاحل وهذا ادعاء!

تركت كل شئ وحملت مايمكنني حمله بإتجاه المستقبل الذي أحببت ونويت وقررت أن أكون صانعا له مع كل أولئك الذين يؤمنون بالعراق بأنه بلد الحضارات والقيم والانسانية! حملت كل ماأملك ووهبته لعراق ديمقراطي! فرحت جدا وأنا أتوجه نحو صندوق الاقتراع لأزين أصبعي باللون البنفسجي وأضع صوتي في صندوق آمنت به في بلادي الغريبة وتمنيته لبلادي الحبيبة! كنت أصطحب إبني معي لأني كنت أعطي صوتي من أجله! قررت أن أشقى وأتعب من اجل أن يبقى هو وينعم في بلده! ولايعيش الإغتراب الذي في أحيان كثيرة يحسد عليه المغترب! علما أن النفي كان عقوبة في الماضي القريب.

الكل يعلم ماحدث لنا وماوصل اليه الحال في يومنا هذا وكيف وصلنا ومن هو السبب؟ وتساؤلات أخرى كثيرة جوابها واضح! إلا أن الكثيرين يختلفون ويرون بعين تختلف ويفكرون بإسلوب مختلف وهكذا تجري الأمور بأن الكل يضد الكل! وها نحن بدأنا نؤمن بأن الاختلاف حالة ايجابية!! والاختلاف لايعني الخلاف! لأن الخلاف حالة ممكن أن تتحول الى نزاع! وبذلك قلنا صندوق الاقتراع سيكون الفيصل وحينها سنكون في مأمن من كل تلك اللااتفاقات التي زينت الديمقراطية العراقية!

نجحت الديمقراطية وأفرزت لنا أرقاما يمكن للجيدين في عالم الرياضيات أن يحلو اللغز بسهولة! خصوصا أن جميع العلماء عملوا جاهدين وصاغوا قوانين سهلت حياتنا! ولكن ماذا علينا أن نعمل مع شعب يجهل الرياضيات ولايفهم لغة الارقام! بل أن جهله جعله يتحدث بديمقراطية من أجل تدميرها! وإستغل الديمقراطية من أجل نفيها! بل هو يتحدث بإسمها ويخالفها! للاسف هكذا اليوم نحن! الديمقراطية في العراق ضيقة وتظهر كل عوراتنا! فهي لايمكن لبسها على زي تراثي أو فلكلوري أو أي زي آخر عدا فصالها الأصلي! هي هي الديمقراطية التي لايمكن أن تعيش بين جهلة أو مع شعب جائع فقير. لايمكن في زمن الديمقراطية أن تتهجر الإنسانية ويتفرج عليها الساسة. لايمكن للديمقراطية أن تنجح والبنادق هادئة أمام دفن الأطفال في قبور عارية! لايمكن للديمقراطية أن تجمع من لايؤمن بها لإسقاط من أتت به! وماأكثر من ذلك!

الديمقراطية في العراق ضيقة جدا وخنقت التركمان في وطنهم وشردتهم وقتلت أطفالهم بين ذراعي دجلة والفرات! الديمقراطية في العراق خدرت المسيحين الى درجة إنهم لم يدركوا الصباح ليجدوا أنفسهم عراة في وطنهم الأم وبصمت الديمقراطية العالمية. الديمقراطية في العراق سباها الارهاب والأغبياء من هذا العالم!

ديمقراطية العراق ضيقة على الشرفاء الى درجة أنها تخنق العراق! ففي زمن الديمقراطية في العراق سقطت الأمم المتحدة وإنفضحت أمريكا وتساقط الأضداد وإنهارت الحدود وقطعت الرؤوس وتقطعت الدولة وسلموا النيام مدنهم وضاع الرضيع من أمه ودفن الولد أبوه وهرب المستقبل بعيدا! ويصرخ من هناك ! إسمع ياعراق فالديمقرطية ضيقة على الطغاة.