هل يبقى التركمان شعبا بلا مصير؟
تشهد المنطقة التركمانية(توركمن ايلي) منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 مخططا طائفيا, يرمي الى اعادة رسم خارطة جديدة للعراق وفقا لاسس مذهبية وعرقية لا مكان فيه للتركمان الذين يعتبرن ثالث اكبر مكونات الشعب العراقي. وحركة منظمة دولة الاسلام في العراق والشام (داعش)التي تحول اسمها فيما بعد الى الدولة الاسلامية تعتبر حلقة جديدة في هذا المخطط الذي يعمل منفذوه على تطهير المناطق التركمانية في محافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين من التركمان الشيعة المعتزين بلغتهم وقوميتهم التركمانية .
 لم يكن المجتمع التركماني يعرف قبل الاحتلال الامريكي شيئا من الطائفية المقيتة, فقد كان اعتزازه ولا يزال بقوميته يفوق اي اعتبار, وحتى ان كثيرين منهم تعرفوا بالمذهب االذي ينتمون اليه بعد الممارسات الطائفية التي انتهجها النظام البعثي ومن ثم الاحتلال الامريكي للعراق .
بعد سقوط الموصل بما فيها تلعفر على ايدي مرتزقة منظمة  داعش, قامت المنظمة بتهجيرعشرات الالوف من تركمان الموصل وتلعفر الى مناطق في الاقليم الكردي حيث يعيشون اليوم في العراء وفي ظروف قاسية جدا, وتمكن بعضا من هؤلاء المهجرين بالوصول الى اربيل وكركوك ومنها الى كربلاء والنجف .
وانه لامر مؤسف جدا ان يعجز التركمان في قلب التركمان كركوك من الوقوف الى جانب اشقائهم تركمان الموصل وتلعفر المهجرين ومساندتهم في محنتهم وايوائهم| وهو ما يعكس ما آل اليه وضعهم من ضعف وتشرذم حيث لم يتمكنوا من ابداء  ادنى ردة فعل ضد تعليمات المحافظ التي قضت بضرورة خروج المهجرين التركمان من كركوك .
في نطاق  المد الطائفي المتعاظم في العراق السائر على طريق الانقسام نخشى ان يتنامى الشعور المذهبي عند التركمان السنة بفعل وقوعهم تحت الهيمنة الكردية , وفي ظل غياب توعية اعلامية قوية وحركة قومية ذكية توحدهم سنة وشيعة , وتحميهم من خطر الانصهار في بوتقات القوميات الاخرى  وتمنعهم من ان  يبقوا شعبا بلا مصير .
فالتركمان  اصبحوا شعبا لا يفكر بمصيره رغم اشرس التهديدات المحدقة به ,شعبا تغلبت انانيته على طباعه الاجتماعية والسياسية , شعبا يرضى بالذل والهوان والتهميش ,شعبا لا يفكر ابناءه في المهجرالا بتاسيس جمعيات لاتسمن ولا تضعف والادلاء بتصريحات رنانة وبالظهور في وسائل الاعلام , وشعبا لا يستخرج العبر من الماضي , ولايتعلم سبل الخلاص من العبودية والمصير المجهول , وشعبا لم يتعلم التضحية بما هو غال ونفيس في سبيل قضيته .
كشفت فتنة الطائفية عن وجهها القبيح لاول مرة في تلعفر بعد الاحتلال الامريكي للعراق وتحققت اهدافها حينما شهدت المدينة صراعا طائفيا داميا اودى بحياة كثيرين من ابنائها التركمان وقصم ظهرها واسفر عن انقسام المدينة  التركمانية الى شطرين شيعي وسني.
أصبحت المنطقة التركمانية مقسمة الان بين منظمة دولة الاسلام في العراق والشام(داعش), وبين الاقليم الكردي الذي تمكن جيشه بفضل منظمة داعش من توسيع مساحة الاقليم بنسبة تصل الى 40 بالمائة حيث انه تمكن من الحاق كركوك وغيرها من المناطق المسماة بالمتنازع عليها بالاقليم الكردي بعد انسحاب الجيش العراقي الباسل من المنطقة .
المخطط الذي ينفذه تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام (داعش) المجهول الهوية يرمي الى تطهيرمحافظة الموصل وتلعفر من الشيعة التركمان على وجه الخصوص وغيرهم من الاقليات الدينية , وتهجير العرب السنة من الجنوب الى اعالي بغداد حيث يكتمل مخطط تقسم العراق الى ثلاث دول منها الدولة العربية السنية في شمال وغرب العراق .اما التركمان الشيعة في كركوك وطوزخورماتو الواقعتين الان تحت سيطرة القوات الكردية فقد يتعرضون في المستقبل القريب  الى نفس ما يتعرض له اشقاءهم التركمان الشيعة الان في الموصل وتلعفر .
ان مخطط تهجيرالتركمان الشيعة من الموصل وتلعفر الى كربلاء والنجف وغيرهما من المدن الجنوبية,واسكانهم فيها وتوفير فرص العمل لهم  بحسب البعض من وسائل الاعلام, يعتبر اخطر تطهير عرقي يشهده التاريخ التركماني في العراق, وانه سينتهي في حال نجاحه بصهر التركمان الشيعة في البوتقة العربية الشيعية في الجنوب ويحول دون عودتهم الى ارض الاباء والاجداد.