المقبل.. بين بناء الوطن أو تقسيمه

مخاض العملية السياسية وتشكيل الحكومة وصل الى مراحله الأخيرة، المهلة الدستورية لم يبقى منها سوى أيام معدودة، وأصبح لزاماً على رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة الأكبر، لإعلان حكومته المنتظرة، فانتخاب رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية وفق المدة الدستورية، جعل العراقيون يرتقبون حسم الجدل والانتهاء من تسمية مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة العراقية.

تشكيل الحكومة خلال الفترة المقبلة، لن تكن مهمتها ومسؤوليتها سهلة ويسيرة ولن تمتلك العصا السحرية لحل الأزمات الأمنية والخدمية والسياسية والاقتصادية في فترة السنوات الأربعة من عمرها.

لكن العلامة الفارقة في الحكومة المقبلة، هي انها حكومة ستؤسس لمستقبل العراق، لـ 25 سنة مقبلة، ولعل من سيرأس هذه الحكومة وماهية منهجه وفكرة وسياسته، هي من سيحدد أمكانية كون المستقبل سيكون مزدهراً متطوراً او مجهولاً يأتي بالويلات والتقسيم على العراق.

ما نشهده من مفاوضات وحوارات وصراع سياسي، يبين مدى أهمية المقبل، والدور الداخلي والخارجي الذي ستلعبه كابينته الوزارية، وكيف يفسر الاهتمام العالي من قبل المرجعية الدينية، وهي تضع الخطوط العامة لشكل قائد الكابينة، والإستراتيجية الواجب اتباعها في حركته .

لذا فتكرار الوضع والبقاء على الحال الراهن، مع ما حمله من أزمات وسوء أدارة وتخبط في ملفات عديدة، يجعلنا نقدم العراق الى هاوية ليس لها قرار، يصارع امواج الاطماع والنهب والانفلات.

القادم لمنصب رئاسة الوزراء وكما حددت شروطه وأولوياته المرجعية الدينية، يحتاج الى مقبولية وطنية، وهذا لا يعني ان يكون القادم متنازلا عن الحقوق الوطنية ليقبل به الشريك الوطني، لكن ضرورة الاقتناع بانه قادر على الوصول للحلول السياسية التوافقية بين مكونات الشعب، يجعله محل ثقة واجماع وطني، بالإضافة الى إمكانية تحركه ومقبوليته وألتزامه بالوعود والاتفاقات، شرط يؤهله للنجاح وتطبيق إستراتيجيته الناجعة في انتشال العراق.

لذا فالساعات القليلة المقبلة ستحدد وترسم صورة 25 سنة، يستطيع بها الشركاء الوطنيون ان يعيدوا وضع العراق على سكة الاصلاح، أو يضيعوا طريق عودته، وسنبقى نرتقب تلك الساعات ونتائج قراراتها، لنحكم حين ذاك على شكل العراق المقبل ومستقبله ...