ليست "داعش" قدرا لا يمكن تلافيه، إنما الوضع السياسي المأزوم، والذي بقي سائدا إلى الآن، كنتيجة لأزمة النظام السياسي الذي بني على أساس المحاصصة الطائفية والاثنية، هو الـذي سهل لـ "داعش" ومكنها من اختراق الوضع الأمني المرتبك أصلا. والغريب ان استباحة "داعش" لمساحات واسعة من ارض العراق، وقيامها بأفعال شنيعة ومدانة بحق الإنسانية، ومواصلة هجومها وتطاولها على الإنسان العراقي ومقدساته وقيمه وعاداته وطريقة حياته، لم يحرك السياسيين المتنفذين من مواقفهم المتزمتة والبعيدة عن الشعور بالمسؤولية الوطنية تجاه شعب باتت أمنياته العيش بأمان.. بأمان وحسب! المؤكد، أن الشعب العراقي قادر على إلحاق الهزيمة بتنظيم "داعش" ودحره، وإبعاد شروره عن العراق.. وهذا ممكن، وليس من المستحيلات، مهما بلغت قوة "داعش" واستخدامها لوسائل قذرة، وهما بلغ الدعم الخارجي لها. لكن هذا الممكن يتطلب، باعتقادي، حزمة إجراءات عاجلة، أبرزها: • الاستناد إلى رؤية وطنية شاملة (سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، عسكرية) في محاربة الإرهاب، وتخليص الأذهان من كل تصور يستند إلى بعد طائفي في هذه المعركة المصيرية، وتحقيق الحد الأعلى من الانسجام بين الإرادتين الوطنية والشعبية، فالخطر من الجسامة والفداحة بحيث لا يمكن لجهة معينة بمفردها، ومهما بلغت من القوة ومهما امتلكت من الإمكانيات، أن تدحر الإرهاب. • استنهاض الروح الايجابية عند الشعب العراقي، وتفعيل مشاركة المواطنين في هذه المعركة ضمن خطة وطنية، تنفذ من خلال اطر الدولة ومؤسساتها الرسمية والمدنية، وبالتعاون مع جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ومع كل مواطن يتوق للعيش بسلام وأمان ويصعب عليه ان يرى العراق يتمزق على يد عصابات ظلامية مارقة. • تشكيل حكومة وحدة وطنية منسجمة في رؤيتها لمحاربة "داعش"، حكومة تحوز على ثقة العراقيين بابتعادها عن منهج المحاصصة المقيت، وعلى أن يكف المتنفذون عن الصراع على المناصب والامتيازات والنفوذ. • تفعيل مشروع المصالحة الوطنية بالتوافق مع إجراءات العدالة الانتقالية. • وضع خطة شاملة سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، بالتلازم مع الجهد العسكري الاستخباراتي للبيئة الحاضنة للإرهاب، وتحويلها إلى بيئة طاردة للإرهاب مقاومة له. • تنظيم الحشد الشعبي المسلح في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، وإبعاد التواجد المليشياوي نظرا لآثاره السلبية، وبسبب ما يحمل من بعد طائفي يسهم في إضعاف الطابع الوطني، الذي يميز المعركة ضد الإرهاب. • اتباع إستراتيجية الهجوم العسكري الشامل على أكثر من جبهة، لإرباك قوى العدو والاحتفاظ بعنصر المباغتة، ومسك الأرض التي يتم تحريرها وتعزيز الدفاع عنها بقوة، والتخلص بذلك نهائيا من إستراتيجية الدفاع السلبي، التي توفر للعدو فرص التفوق. • التنسيق مع القيادات السياسية والعسكرية لإقليم كردستان، لاسيما وان جبهة الإقليم مع المناطق التي سيطرت عليها عصابات "داعش" تمتد ألفا وخمسين كيلومترا، وهي مساحة مجابهة واسعة جدا. • إعادة هيكلة الوحدات العسكرية لصالح الضباط الأكفاء والنزيهين، الذين ابدوا شجاعة وقدرة قيادية مشهودة في المعارك، وإبعاد العناصر الطائفية والجبانة والتي قصرت في واجباتها أو تحوم حولها شبهات فساد.
|