دعوة المظلوم

هل يستطيع احد ان يقول لي ماذا يجري في العراق ؟ المشهد العام ينبئ بحاضر متفجر ومستقبل اسود، عجلة الاحداث تتسارع بجنون وعلى غير هدى، لا احد يستطيع ايقافها، تدهس كل من يقف في طريقها او يحاول ان يحرف اتجاهها، الازمات تتفاقم والمشاكل تهل على رؤوس العراقيين من كل الجهات، والبؤس والكآبة يخيمان على المجتمع كقطع الليل المظلم، ولا تلوح في الافق اي بارقة امل، فشلت كل الحلول والمبادرات التي طرحت لوقف الانهيار السريع في بنية الدولة العراقية، من مبادرات«البارزاني» و«الطالباني» الى مبادرات «النجيفي» و«مقتدى الصدر» و«عمارالحكيم» وعشرات المبادرات الاخرى فشلت لان اصحابها كانوا جزءا من المشكلة القائمة وليسوا جزءا من الحل، لو يحدث في اي دولة من دول العالم نصف ما يحدث في العراق من فساد وازمات و«بلاوي زرقة»، لاستقالت حكوماتها و«تفركشت» مؤسساتها السياسية وجرجرت رؤوس كبيرة الى السجون، ولكن في العراق الامر مختلف تماما، الفساد اصبح سياسة تتبع والمفسد يكرم ويرحل الى خارج البلاد محملا بالمال الحرام الذي سرقه والقاتل يولى الحكم ويقود جيشا حكوميا والمتسكعون في شوارع الدول الغربية غدوا مسؤولين وسياسيين بارزين، لكن فاشلين من الطراز الاول، عاجزين عن ايجاد حلول للازمات القائمة، فيتهربون من الواقع المأزوم ويلجؤون الى اثارة ازمات جديدة، بالامس القريب كانت المشاكل على اشدها بين الشيعة والسنة وذهب جراءها ضحايا كثيرة لا تعد ولا تحصى (لحد الان لا توجد احصائية بعدد الضحايا الذين سقطوا نتيجة القتل العشوائي الذي جرى عامي 2006 ــ 2007 ولا بعدد الذين هجروا من مدنهم) وما ان انتهت هذه الازمة الطائفية مع ما خلفتها من اثار اجتماعية ونفسية مدمرة، حتى بدأت بوادر أزمة جديدة بين الحكومة المركزية والأكراد، كلا الطرفين حشدا قواته ضد الآخر ايذانا ببدء مرحلة جديدة من العبث بمصير الانسان العراقي وتحويل حياته الى جحيم لا يطاق، ارادها «المالكي» ان تكون حربا عرقية بين العرب والكرد وقام بتأجيج المكون السني العربي على الاكراد ولكن فجأة ودون سابق انذار فتح جبهة جديدة مع المحافظات الغربية السنية في البلاد، وقام بإحداث ازمة اخرى على احد رموزهم، فانتشرت الجماهير في مظاهرات حاشدة تطالبه بالاصلاحات او التنحي عن الحكم، ولكن هذه الجماهير نسيت انها تطلب المستحيل من الرجل فهو لا يعرف معنى الاصلاحات اصلا لانه لم يقم باي اصلاح لحد الان ولا يستطيع ان يتخلى عن السلطة ايضا لانه لو تركها فانه سيحاكم على كل المشاكل التي سببها للبلاد وقد يقضي بقية حياته في السجن، والامر الوحيد الذي يجيده بامتياز هو اثارة الازمات وافتعال المشاكل..والمصيبة ان كل هذا يجري في البلاد وما زال «المالكي» وطاقم حكومته يديرون البلاد بنفس الاتجاه الفاشل لا تهز لهم شعرة غير آبهين بما يجري للعراق واهله، فهل هي صدفة ان يبتلى هذا البلد الغني في كل شيء، بحكام متجبرين على مر التاريخ يسومون اهله سوء العذاب، يذبحون ابناءه ويستحيون نساءه، ام هو امر قضاه الله وقدره على الشعب العراقي لانه ناصر هؤلاء الحكام الظالمين وأيدهم، الم يصفق لـ «عبدالكريم قاسم» ورفع شعار «لا زعيم إلا كريم»؟ والم يهلل لصدام حسين «بطل المقابر الجماعية» وقال عنه «المجاهد» و«صانع النصر» واطلق عليه99 اسما على غرار اسماء الله الحسنى ؟ ألم يشبه المالكي بـ «المختار الثقفي» و«الائمة» ورفع شعار «بالروح بالدم نفديك يا مالكي!».

وربما عوقب بسبب دعاء مظلوم قابع في غياهب السجون او بسبب حرقة طفل لحضن امه قبل ان يدفن في التراب وهو حي في احدى عمليات «الانفال» الظالمة أو بسبب توسلات شيعي اوسني قبل ان يذبح على الهوية، وربما كانت كل هذه الاسباب مجتمعة وغيرها هي التي اوصلت العراق الى ما هو عليه الان من ترد وانحدار.