بين الرأي القائل ان النظام الايراني يرغب في تبديل المالكي الذي اعلنه مؤخرا , وبين الآخر الذي يؤكد على ان ايران تستخدم التقية في كل قراراتها السياسية وهي في حقيقتها ترغب باستمرار المالكي الذي لم تجد افضل منه لتنفيذ سياساتها , وهي تعد لمفاجئة خلال اليومين القادمين . ايران تملك خبرة سياسية كبيرة , و( تقية ) تشرّع لها الادعاء والتلون والالتفاف – رغم ان التقية شرعت للناس الذين لا يمتلكون وسيلة اخرى غير المخادعة في الدفاع عن انفسهم – وهو ما يجعل من الصعوبة معرفة نواياها الحقيقية .
يبدو ان ايران تمسك العصا من الوسط , وتريد ان تجد بديلا لا يقل استجابة عن المالكي لتلبية مطالبها اذا قرروا الاستغناء عنه , والمهم بالنسبة لها ان يكون البديل من دولة القانون ( الشهرستاني , العامري , العبادي ) , الاولان صناعة ايرانية والعبادي اضعف بكثير من المالكي الذي لم يتمكن من النهوض بالهم الوطني . وان لا يكون المرشح المتفق عليه بين المجلس الاعلى والتيار الصدري الرافضان للمالكي , واللذان هددا بالانفصال عن التحالف الوطني ان استمر ترشح المالكي . يقول البعض ان القبول بمرشح المجلس الاعلى والتيار الصدري ( الجلبي , عادل عبد المهدي ) سيفتح الطريق لتفكيك ( طائفية ) القائمة الشيعية , ويستجيب لمصلحة القوائم العراقية الاخرى في ترميم الثقة بالعملية السياسية , وهذا ما لا توافق عليه ايران . فهو من جهة سيضعف سيطرتها على وحدة الكتلة الشيعية , ومن جهة اخرى - وهي الاخطر – هو التوجه لإعادة بناء مؤسسات الدولة بما فيها الدوائر السياسية والهيئات المستقلة التي ستنهض بالإرادة الوطنية العراقية . وإعاقة نهوض(الارادة الوطنية )هو نفس السبب الذي يمنع الامريكان ايضا من التدخل الجدي لتقويم مسار العملية السياسية وليس تنصلا من مسؤولياتهم كما يقول بعض الاخوة .
منذ بداية الازمة الحالية , اي قبل اشهر , نبه الكثيرون الى ان مفترق الطرق الحالي الذي وصل العراق اليه نتيجة اعتماد المحاصصة الطائفية التي افرزت المالكي وسياساته الاقصائية للآخرين , لا يمكن تداركه والسير في طريق النهوض الوطني ما لم يجر تصحيح مسار التحالف الوطني الشيعي , وانتشال هويته الوطنية من الموج الطائفي الذي ركس فيه . ومثلما هو معروف ان القرار الوطني يفرض بالإرادة الصلبة ولا يؤخذ بالنيات الحسنة والتصريحات , مثلما تجري المعارضة داخل التحالف الوطني من قبل التيار الصدري والمجلس الاعلى . العراقيون قلقون لحسم اختيار مرشح التحالف الوطني لرئاسة الوزراء , وازداد قلقهم اكثر بعد ان شعروا بتردد المجلس الاعلى والتيار الصدري في حسم موقفهم من ترشح المالكي . ان الكرة ( العراقية ) الآن في ملعب المجلس الاعلى والتيار الصدري كما حددها احد الاخوة قبل فترة ليست بالقصيرة , وهما مطالبان بموقف جدي حاسم يعطي اللحظة التاريخية العراقية الحالية جلال استعادة وطنيتها , ويضعها على سكة القرار الوطني الصريح , بعيدا عن التبعية الايرانية , والهيمنة الامريكية التي تسترت بجلود من انحدروا في الطريق الطائفي للعملية السياسية . فهل ينجح المجلس الاعلى والتيار الصدري في اتخاذ قرار استمرار وحدة ومصالح العراقيين ؟ أم لا ؟
|