أرضُ العراقِ ودماءُ أهلهِ فوقَ أحلام المتخاصمين |
في أكثر دول العالم توجد إحزاب وحركات ومنظمات وقوميات مختلفه في الأديان والأعراق تتنافس وتتخاصم بينها وتختلف داخل حدود البلد الواحد ..واحيانا في بعض الدول المتخلفة التي لاقانون محترم فيها يصل الإختلاف حدّ الإحتراب والإقتتال على حساب المصالح والإمتيازات الخاصة ، ومع ذلك يُعتبر هذا طبيعيا وواردا ولاتستنكره المذاهب السياسية وتعدّه شأناً داخلياً... إلا إنَّ غير الطبيعي والمستنكر والمرفوض والمحرّم قانونيا وإخلاقيا وشرعيا على هذه الكيانات المتنافسة بكافة أهواءها وإنتماءاتها أن يسوقها إختلافها مع بعضها البعض وتدفعها مصالحها الخاصّة على أن تدوسَ على حرمة الوطن بدل أن تدوس على إختلافاتها وتترفع عنها..وتتهاون حد التواطيء مع العدو على سفك دماء أبناء الوطن الواحد بدل أن تحمل السلاح وتشارك بحماية ألأبرياء ..وتفرح وتخنع بإحتلال جزء مهم من أراضيها بدل أن تكون سدأ منيعا دفاعا عن أرض الوطن !!! حدث هذا في وطننا الحبيب العراق ! فهو وحده الذي أُبْتليَ بمكوّنات خصوماتها بلا شرف مع بعضها البعض ! ومن فقد شرف الخصومة لايعنيه البلد ولا أهل البلد ! إحتلال مدينة الموصل من قبل الإرهابيين (داعش) ومن لف لفهم ..كان الحدث المروع بكل المقاييس الذي تميّز به العاشر من حزيران 2014 فصار تأريخا مأساويا..سوف لم ولن يغيب عن ذاكرة العراقيين الشرفاء الذين يؤلمهم إقتطاع أي جزء من أرض العراق .. والغريب أن هذه النكسة والإنتكاسة العراقية كانت مصدر فرح ومغنمٍ لصنوف أخرى من العراقيين... وبعضهم من كان يتغنّى بوحدة تراب العراق ليلا ونهارا ! فلقد صفّقوا وفرحوا وشمتوا ومنّوا النفس بالمزيد من إحتلال المدن العراقية وصولا الى بغداد ! وهم ينقسمون الى عدة صنوف وفق نزعاتهم النفسية المريضة.. فمنهم من فرح بسقوط الموصل تنكيلا وبغضا بالمالكي وهؤلاء أغلبهم شركاء للمالكي في العملية السياسية ولعمري ماأهون عقولهم وماأصغر أحلامهم وما أجهلهم لأن يختزلوا الوطن بشخص ؟..والصنف الآخر فرح كرها بالشيعة الصفويين وهؤلاء من وفّر الغطاء لداعش وصار حاضنة لها ! وآخرون ضد العملية السياسية برمتها كالبعثيين وأشباههم وآخرون وآخرون .....وجميعهم اليوم في مرمى داعش ولا شماتة...الأمر الذي لم يحسبوا حسابه ...ولم يقرأوا أهداف داعش بوضوح ...أو قرأوا صفحةً واحدةً وهي إستهداف الرافضة .. وتركوا أخرى .. فسرعان ما إنهارت حساباتهم وصاروا هدفاً يسيرا لداعش وهذا أمرٌ لايسرّ كل من يحمل في وجدانه حب العراق والعراقيين ..ولانتمناه أبدا خصوصا لمن جمعنا معهم مصيرٌ واحدٌ ..لأننا مهما إختلفنا مع الآخرين أو أختلفوا معنا لانُحب لهم أن يُذلوا بأيدي الأغراب الإرهابيين القادمين من شتى أصقاع الأرض ..ولانرضَ أن يدنّس أي شبر من أرض العراق ....فمايحدث اليوم من تهديد لمدن العراق الشمالية وغيرها من قبل داعش لايدعونا أبدا أن يشمت بعضنا ببعض أو أن نتهاون في الدفاع عن أرض العراق...فأن الأحداث تجري بسرعة وعراق الرافدين هو المستهدف من شماله الى جنوبه ولم يستثنِ منه الإرهاب أي فئىة أو قومية..أملنا أن الذين فرحوا بسقوط الموصل بالأمس قد قرأوا وفهموا داعش وأهدافها اليوم ..وأن نعيَ جميعاً أنه مهما كان حجم الإختلاف بيننا يبقى علمُ العراق أجمل من أعلام داعش السوداء ...ووحدتنا أصلب عودا من فرقتنا...وأرض العراق ودماء أهله فوق أحلام المتخاصمين.. وأخيرا نتمنى أن تتوحد الجهود لطرد الغزاة المجرمين الذين دنّسوا أرض العراق ... وأن نوحّد كلمتنا ونترفّع عن لغة الشتائم والشماتة بالآخرين لأننا لاندري ما سيحدث غدا ؟
|