ألوان الطيف... قصة قصيرة.. بقلم: فلاح العيساوي |
اتحدت الأيدي في إهالة تراب حفرة القبر، الذي وضعوا فيه جسدي الملفوف بالقماش الأبيض، ارتعدت روحي عندما أحست أنها تنسحب بقوة طاغية إلى اللحد، سرعة الحدث أذهلتني وألزمتني الحيرة، انعدام الضوء والسكون المتحد مع العتمة، خلق الرعب الأسود، تكورت روحي وسط أربعة جدران لا وجود لها، لكنها تقلصت فعليا باتجاهي، حتى ضغطتني بقوة عنيفة قطعت فيها أنفاس روحي المسكينة، كأني تحت مجموعة من الجبال الشاهقة، الذهول اشل حيلتي واعدمني القدرة، الهلاك والعدم كان السبيل الوحيد الذي تمنيته في حينها للخلاص من الجحيم المرعب، النجاة كانت نقطة من النور، لاحت في وسط العتمة، انفلقت فاستحال الظلام نورا وعم الضوء، أيقنت بالخلاص وسكنت روحي وطافت تمسح المكان وتستكشف الحال، رغم انعدام الحدود والرسوم والأشكال، حاولت أن افسر النور، لكن بسرعة انبثقت نقطة دائرية متعددة الألوان، بدأت تتسع حتى أمست وكأنها برزخ متموج ذو فجوة شبه أسطوانية جذبتني بقوة مغناطيسية، فصرت داخل وسط حلقات من ألوان قوس قزح، متصلة بعضها في بعض، وبدى البرزخ الإهليجي لا نهاية له، حتى بدأت أسمع بعض الأصوات البشرية دون تمييز، ثم بدأت تتلاشى تلك الحلقات الملونة، وبدأ الصوت يتضح لي اكثر فأكثر، فتحت عيني بصعوبة بسبب ثقل أجفاني، قلت بصوت مبحوح أين أنا؟.. أمسكت بي يد وأحسست بشخص ينحني فوقي قائلا: الحمد لله على سلامتك، لقد انتهت الآن عمليتك الجراحية، وقد أفقت من المخدر، وبعد ساعة سوف تصحو نهائيا من أثر التخدير. |