وأخيراً جاءت الضربات الجوية الأمـريكية على تجمعات " داعش" والتي تسميها السلطات الأمريكية " جماعة الدولة الإسلامية" ! بعد طول إنتظار وأخذ ورد وتردد من قبل الرئيس باراك أوباما الذي يتخوف من تورط حربي في العراق بعد أن " وَعَـدَ" الشعب الأمريكي بسحب الجيش الأمريكي في العراق العام 2011 و لا يريد أن يرسل جيش على الأرض , ولكن وبعد شهر من إحتلال ما يسمى " داعش" مدينة الموصل وأجزاء من تكريت وكركوك وديالى والأنبار قرر أن " يحتوي" هذه المجموعات الإرهابية وليس تدميرها "افي الإعلان عن قراره التدخل عسكريا، قال أوباما بوضوح انه لن يسمح للولايات المتحدة الانجرار الى حرب أخرى في العراق "! مما أثار إنتقاد السناتورين جون ماكين وليندسي غراهام الذين قالا في بيان مشترك " كلما طال إنتظارنا للفعل كلما أصبح التهديد أوسع وأسوأ" وهما الأكثر إنتقاداً للرئيس أوباما وسياسته في العراق وفي بلدان أخرى كليبيا ومصر علما بأن السناتور ليندسي غراهام هو الذي قدّم مشروعاً الى مجلس الشيوخ الأمريكي بدعم إسرائيل ب " 250" مليون دولار أثناء عدوانها البربري الإرهابي على غـزة . الأمـر المستغـرب إن الحكومة العراقية وبعد " هـروب " الجيش العراقي أمام أعداد بسيطة من إرهابيي " داعش" وترك أسلحتهم وعدتهم لم تحرك ساكناً و كإنه أصابتها "صدمة" مما حدث ! ولكن عدته الإدارة الأمريكية قلة تدريب و لم تقل " خيانة " أو " جبن " بالرغم من تواجد فرق عسكرية من جيش وشرطة إتحادية إلا إن هروبهم شـكّل وصمة " عـار" في جبين جيشنا الباسل !
جاءت الضربات الأمريكية بعد تهديد " إقليم كردستان" والتوجه الى أربيل والتهديد بإحتلالها , علماً بأن السيد أوباما والإدارة الأمريكية تأخرت بتزويد العراق بالأسلحة التي طلبها والمماطلة بتسليمها مما أضعف قدرة القوات العراقية بتوجيه ضربات قاصمة لوقف تمدد " داعش" وإنتشارها إنتشار النار في الهشيم . يقول أحد العسكريين الأمريكيين تعليقاً على تمدد "داعش" " بأنهم مدربين ومسلحين جيداً" الأمـر الذي يؤكد إن هذا التنظيم الإرهابي تقف وراءه دول غنية , تزوده بالمال والسلاح لإحداث فوضى " ليس لها آخر ! بل تتمدد الى بلدان أخرى ومن بعد تدمير سوريا إنتقلت الى العراق وقفزت الى لبنان في عرسال , ولها وجوه أخرى في اليمن وليبيا و تونس وفي مصـر , كلها تنظيمات إرهابية " إسلامية " تقتل المسلمين والمسيحيين والأيزيديين والكرد والشبك والشيعة والسنة في العراق وتدمر كل ما تصل إليه يدها الإجرامية وعقلها " المـسـيـّر" . لم تخطئ النائب فيان الدخيل حينما قالت " إنهم يقتلون قومي تحت راية الله وأكبر " و لا إعتراض على ما قالته إلا من قِبَل رئيس مجلس النواب وهو النائب عن " الحزب الإسلامي" الذي حاول أن يسكتها وكإنها نطقت كفراً بل سكوتهم هو الكفر بعينه , و دموع فيان الدخيل ليست الوحيدة التي تشحذ هممنا وتثير عزيمتنا وتدفعنا نحو المعركة دفاعاً عن كل مواطن عراقي وعن كل شبر من أرض العراق بل دموع النساء والأطفال المسيحيين والشبك والتركمان والعرب والأكراد فكل مواطن عراقي هو مهم في وطننا بدون الإلتفات الى دينه ومذهبه وعرقه وقوميته , نعم يحـز في قلبي و قلب كل عراقي شريف ومخلص أن يرى مواطينينا يتجرعون الحرمان والتشرد والهروب الى الجبال والمدن الأخرى , منظر مثل هذا الذي رأيناه على شاشات الفضائيات يجب أن يحرك كل النخوات ويبعث " صرخة وامعتصماه" فينا ولكن مع كل هذه الأحداث المأساوية والخطر المحدق في عراقنا الجريح تتصارع القوى السياسية من أجل أن يتبوأوا المشهد الحكومي أو الواجهة غير معنيين بما يحدث من حولهم وهو أمــر في غاية الغـرابة والطرافة , كيف يكونوا عراقيون و لا يلتحموا و يتفقوا في ساعة الشدة والخطر الداهم ويتحدوا للوقوف أمام العدو الإرهابي التكفيري !؟ وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على طغيان المصالح الإنانية على مصالح العراق وطناً وشعباً , إذن ما الغرض من تواجدكم في بيتنا العراقي و ما نفعكم إذا لم تبرهنون على حبكم للشعب والوطن وليس المصالح والمكاسب ؟!
من المعيب ونحن البلد الغني والكبير أن ننتظـر " مساعدات" الأمـم المتحدة بل وننتظر قرار مجلس الأمـن يستنكرفيه جرائم داعش ويطالب بإيقافها فوراً !, وبما إن " الدولة الإسلامية" لم تصبح عضواً كامل العضوية في المنظمة الدولية فسوف لن يستجيب " الخليفة أبو بكر البغدادي " لهذا القرار و يستمر في الذبح والنكح والتشريد والتهجير للمواطنين الذين لا يدخلون " دين الله أفواجاً" أو يبايعون خليفة آخر زمان لدولة عصابتها من كل مكان وبلدان !
لهذا كله أطالب وبقوة مثلما يطالب كل عـراقي أن تكون مصلحة الوطن والشعب فوق كل شئ , ويجب أن تكون الحكومة في خدمة الجميع ويشترك فيها الجميع , وهذا ما جاء برسالة صديقي الدكتور أبو فادي الذي تربطني به علاقة وطيدة عمرها أكثر من ربع قرن , لم أسأله عن مذهبه و هو من عانه ولم يسألني عن مذهبي و أنا من البصرة , ولكن عراقيتنا هي المهمة , كتب لي رداً على مقالة سابقة بما يلي " "..أن المرارة التي يعيشها كل عراقي شريف تضعنا أمام سؤال من المسؤول عن نتيجة ما وصل اليه البلد ؟!..فقط السفيه والجاهل من يدافع عن برابرة العصر..من الداعشيين والميليشيات والعصابات المسلحة والعصابات الطائفية..أن الأقصاء والتهميش من أخطر وأسوأ الممارسات لتي يمارسها الأنسان..الأقصائيون بطبيعة الحال يميلون الى الأنحراف والجريمة وهم دائما السبب المباشر الذي يدفع من يتعرضون الى الأقصاء للتشدد والتطرف..الأقصاء الجماعي الممنهج أسوأ بكثير من ذلك الفردي..النتيجة الحتمية لأي إقصاء هي خلق كيانات وفئات داخل المجتمع الواحد وتقوقع كل كيان وفئة تحت مظلتها الطائفية..ولا يمكن عمليا التعايش لفترة طويلة مع الأقصاء دون أنتاج أحتقانات وكراهية وعنف..هذا ما حصل في عراقنا اليوم .. الأقصاء والتهميش..الأستئثاروالإنتقام..الفساد والفاسدين بأمتياز..الفشل والفاشلين بأمتياز.. و أستغلال رجال الساسة والدين لهذا الشعب المسكين الصبور دينيا وطائفيا..وهم المستفيدون بالدرجة الأولى من هذا الشحن الطائفي المقيت .. لك الله يا عراق ولك الله يا شعب العراق على كل ما تحملته من ظلم على مـر التاريخ !!" فهل هناك كلام يعلو على رد صديقي بل هل يسمع " السياسيون " وينتهجون سياسة أخرى غير ما يبطنون , أتمنى ذلك وأنا وكل عراقي شريف بإنتظار ما تتمخض عنه " الموافقات" لإعلان حكومة عراقية لكل العراقيين لا مكان فيها للتهميش أو الإقصاء أو التهديد بأبواب جهنم إذا لم تكن ولاية ثالثة ؟!
|