مَنْ هوَ (( داعشُ )) إذنْ ؟!!!

يقول نبينا المصطفى (ص) : { مَنْ سنَّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من يعمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سَنَّ سُنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة } ـ متفق عليه

بينما نرى والي الشام المنصَّبَ من قبل الخليفة الراشد عثمان بن عفان (رض) يهدد الإمام الحسن (ع) بعد استشهاد الإمام علي (ع) ، إن لم يبايعه على الخلافة ، أو ينازعه عليها ، فإنه سيتفق مع بقايا الروم في بلاد الشام لأجل إقامة مملكته الأموية ، والتي تعني تمزيق وحدة الأمّة الإسلامية التي بناها رسول الله (ص) والخلفاء الراشدون من بعده . ولعل ذلك التهديد أو التلميح به عن بعد ، أوحى للإمام الحسن (ع) نوايا معاوية الميكافيلية البراغماتية الدنيئة من وراء ذلك المشروع الخطير ، ما حدا بالإمام عليه السلام إلى أن ينتبه قبل ضياع الفرصة ، فآثر معاوية على الروم ، فلم يعلن الحرب على حاكميته ، على أن يؤول أمر الخلافة من بعد موته وتخلص الأمّة من شروره التي عانى منها المسلمون وخليفتهم الراشد الرابع (ع) إلى الإمام الحسن (ع) ، إلا أنه قتل الإمام الحسن (ع) قبل محين منيته ، لئلا يؤول أمر الحكم من بعده إليه ، وفقاً لما يسمّى بالصلح المشروط بين الإمام الحسن(ع) ومعاوية .

والحالة هذه ؛ فما تعلنه الفتاوى التكفيرية اليوم من تصريحات تتناقض مع روح الإسلام المتآخي ، حيث تعالت بعض الفتاوى بأن مقاتلة الشيعة أهم من محاربة اليهود ، وإن الشيعة صفويون وإيرانيون ، وأنهم مشركون ، وإن المشركين نجس ، إلى ما هنالك من فتاوى وخطب مجحفة بحق وحدة الأمّة المسلمة ومشاريع تقاربها المذهبي التي دعا إليها الشرفاء المؤمنون من أبناء الإسلام عبر مئات السنين ، بعدما تعرّضت الأمّة الإسلامية إلى المزيد من التداعيات والتهميش والتفرق المذهبي هنا وهناك ، بسبب المخططات المعادية لسيادة الإسلام في العالم .

إذن ؛ فمعاوية إبن أبي سفيان الذي تنفي بعض الأصوات التكفيرية عن أمّه ((هند)) أكلها كبد سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب (ع) ، تعتبر معاوية إبن تلك سيداً من سادة المسلمين وخليفة عليهم، وإنَّ الحسن بن فاطمة الزهراء(ع) لايستحق الخلافة ولا السيادة من بعد رسول الله (ص) !!!؟

وأيّ خليفة ذلك الذي أسست أمّه حرفة أكل الأكباد !؟ ..

وأي خليفة ذلك الذي أسس إبنه حرفة تعليق الرؤوس المقطوعة على الرماح !؟

ما معنى دولة أموية تدّعي الحكومة الإسلامية ، وهي دولة كانت تحكم وتتوسع لأجل فرض السلطان الأموي الدموي على الديموغرافية ؟!

معاوية ؛ أوّل من هدد بفكرة التعاون مع أعداء الإسلام والعرب لأجل تحقيق مطامعه الدنيوية في الحكم .. أوّل من لوّح بهكذا مشاريع خطيرة .. ميكافيلية براغماتية بالمصطلحين الحديثين . بأنَّ الغاية تبرر الوسيلة ، وأن المصلحة والمنفعة السياسية والإقتصادية هي التي تغلب على المبادئ.

وهذا ما يتجلى لنا اليوم بوضوح ، إذ نرى (داعش) توجه فوهات بنادقها نحو مسلمي العراق ومسلمي سوريا ومسلمي لبنان ومسلمي ليبيا ومسلمي اليمن ومسلمي مصر . وإنْ تباينت مسمياتهم الحراكية ، فهي داعشية الأهداف والوسائل والمخططات .

لم تتوجه فوهات البنادق الداعشية .. هنا وهناك ؛ نحو صدور المسلمين حسب ، بل راحت تتوجه نحو صدور المسيحيين العرب وغيرهم ، أينما يكونون . إلا أنها لم ولن تتوجه إلى صدور الصهاينة الإسرائيليين أينما كانوا ، ومن أين أتوا !!!؟

من هنا نتساءل ؛ إذا كانت فوهات بنادق (داعش) موجهة إلى حكومات العراق ومصر وسوريا واليمن وليبيا وتونس وغيرها ، فأي الحكومات تلك التي تموّلها وتدعهما لوجستياً على الأرض؟!!!

هنالك جوابان ؛ جوابٌ غيبي وجواب واقعي ..

الجواب الغيبي ؛ إنَّ (داعشَ) مدعوماً عسكرياً ومالياً ولوجستياً من قبل ((الجن)) !!!

والجواب الواقعي ؛ إنَّ (داعشَ) مدعوماً من قبل جهة بشرية معينة على الأرض !

ومن خلال ما نلاحظه على أرض الواقع ؛ لانرى أنَّ هنالك مصلحة لحكومة عربية أو إسلامية في أنْ تدعم داعش .. ومن ثم ؛ ماذا ستستفيد هذه الحكومة أو تلك من دعم مشروع أممي يسعى على إبتلاع الخريطة الديموغرافية في العالم .. بجميع أو معظم قاراتها تحت راية ((لا إله إلا الله)) ؟!

وما يثير الريبة في ذلك ؛ أن راية (داعش) التي تدّعي تبني الفكر الإسلامي ، تحمل راية ً كتب عليها (لا إله إلا الله) ، دون أن تتبعها بعبارة (محمد رسول الله) تأكيداً لإسلاميتها ، لن (لا إله إلا الله) لا تختلف عن (الله أكبر) .. عبارتان تؤيدهما الأديان كافة ، فهي ظاهراً ؛ راية الأديان الموحدة لله تعالى جميعاً ، فربّما هي ليست بالضرورة راية الإسلام المحمدي ، بل ؛ ربّما هي ثورة حتى على سنّة رسول الله (ص) . ولسنا في مرحلة صدر الإسلام ولا مرحلة الأمويين ولا مرحلة العباسيين ولا مرحلة العثمانيين .. نحن أبناء الواقع الإسلامي اليوم .. الإسلام المحمدي الذي لا يقبل إقصاء وجود رسول الله وكرامته عليه صلوات ربنا وسلامه ، لأنه قدوة الإسلام بأمر الله تعالى الذي لا إله إلا هو بنص القرآن .

على أية حال ؛ ونحن بصدد التساؤل : من يموّلُ (داعش) ؟! ..

فحكومة تركيا ـ الدولة العلمانية ـ لا ينفعها انتشار الإسلام !

وحكومة إيران ـ الدولة الإسلامية الشيعية ـ لاينفعها انتشار الإسلام الداعشي !

وحكومة المملكة العربية السعودية ؛ دولة مستفيدة من حالة المسلمين اللاداعشيين ، لأن الإسلام الداعشي يسعى على تهديم حتى الكعبة المشرفة ، فإذا ما هدم البيت الحرام ، فمن ماذا ستعيش المملكة بعد نضوب النفط ، حيث الحج السنوي المليوني ، وما يأتي منه من موارد إقتصادية كبرى للمملكة نهرٌ من ذهب ، تعيش عليه أمم الدنيا إلى يوم القيامة ، إذ لولا الكعبة المشرفة وقبر رسول الله (ص) لما دعت رغبة لدى المسلمين من أن يتجهوا إلى مكة والمدينة المنورة ، كما دول مهمة في العالم تعيش على السياحة الحضارية والإستجمام والسياحة الدينية . (مالم تكن حكومة المملكة العربية السعودية حكومة صهيونية ماسونية مقنعة بالإسلام لأجل ذبح الإسلام بسكين المسلمين داعشياً ) !!!

ربّما هذه المحاور الدولية الثلاثة ؛ تعتبر من أهم المحاور المثيرة للشك حيال تمويل (داعش).

هذا من ناحية ؛ ..

ومن ناحية أخرى ؛ إنَّ (مشروع داعش) يقوّض المشروع القومي العربي ، ويتقاطع معه سيسيولوجياً و آيديلوجياً . وذلك من خلال إشراك أطراف أجنبية في مشروع داعش العالمي ، ومقترح خريطته السياسية العالمية ، التي تشمل آسيا وإفريقيا وأوربا ، وربّما حتى قارة أمريكا واستراليا .. العالم بأسره ، من كونه مشروعاً أممياً ، وآماله العريضة في عودة الإمبراطورية الإسلامية الأموية التي تاخمت الصين شرقاً ، وفرنسا غرباً.

والمثير للتساؤل ؛ إنَّ (داعشَ) ووعاظـَها ، يؤكدون على تكفير الشيعة الإيرانيين والشيعة العراقيين والشيعة اللبنانيين والشيعة البحرينيين والشيعة اليمنيين والشيعة المصريين والشيعة السعوديين .. ، بينما لا يكفـِّرون السنة الإستراليين والسنة الأمريكان والسنة الشيشانيين والسنة الباكستانيين والسنة الإيرانيين والسنة العراقيين . ثم يكفرّون المسيحيين ومعتقدي الأديان الأخرى ((غير اليهودية)) !!!؟

لم نسمع بفتوى واحدة تعالت من وعاظ وأقطاب تنظيم القاعدة .. (داعش) أنموذجاً ؛ تكفّر اليهود والصهاينة وتدعو إلى محاربتهم ومقاتلتهم وتحرير الأرض التي يغتصبونها منذ عام 1948 ، بينما تتعالى الأصوات والفتاوى لمحاربة كل شيء على الأرض !!!؟ فالكل كافر بالله على الأرض ، ويجب محوه والقضاء عليه ، وإقامة الخلافة الإسلامية . ولا نعلم على أي مجتمع إسلامي أو لا إسلامي ستقيم (داعشُ) خلافتها الإسلامية على أرض دون إنسان !؟

ليس أمامنا إلا الظن المطلق ؛ بأن ((إسرائيل)) .. ((الصهيونية العالمية)) هي وراء تنظيم (داعش) .. هي وراء تمويله .. هي وراء تسليحه .. هي وراء التخطيط له .. هي وراء مشروعه الكبير . و بتواطئ مبطن مع دول إقليمية وعالمية ترتبط بمصالح مع إسرائيل والحركة الصهيونية العالمية .

ماذا نفسّر عبور أرتال من السيارات الحديثة ذات الدفع الرباعي المحملة بالأسلحة الأحادية والرباعية والثنائية والمسلحين من الشام إلى العراق ؟!

أين أقمار التجسس الأمريكية .. أين أقمار التجسس الفرنسية .. أين أقمار التجسس العالمية كلها ؟!

لماذا تسكت عن تحذير الحكومة العراقية ؟!

ما جدوى معاهدة تعاون أمني بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية لا يوظف أقمارها الصناعية التجسسية لخدمة هذا التعاون ؟!!

لماذا تأمن (داعشُ) المرور والعبور والإختراق وتتفوق في إسقاط المدن بساعات من القتال الهش؟!

مَنْ يزوّد (داعشَ) أمرَ حسم لحظة الهجوم .. مَنْ يعطيها الضوء الأخضر .. من يشوش على أقمار التجسس في العالم ، لأجل تمرير مخططات (داعشَ) في سوريا والعراق ولبنان ؟!

((إسرائيل)) ؛ تمتلك التكنولوجيا المتطورة .. ((إسرائيل)) مالكة رؤوس الأموال في الشركات الصناعية العالمية .. إسرائيل الصهيونية التي تتحكم في ذهب العالم .. في الإقتصاد الأمريكي .. ((إسرائيل الصهيونية)) .. ((الوحدة السياسية الديموغرافية للصهيونية العالمية على الكرة الأرضية)) . ألا

تستحق أن تكون محاطة بالرعاية الشاملة ؟! أليس من الممكن لها أن تدعم أية جهة في العالم .. من كل بقاع العالم ، كي تحقق مشروعها القديم .. ((من النيل إلى الفرات)) ؟! ألم تكن إسرائيل قد وصلت بـ((داعشَ)) إلى دجلة في نينوى وإلى الفرات في الأنبار، وهي ذات إسرائيل ((بهم .. بأمثالهم)) أوشكت أن تصل إلى ((النيل)) بواسطة (الأخوان المسلمين) ؛ لولا عهد الله تعالى لأهل ((مصر)) الآمنين ؟!

من هو (( داعش )) إذن ؟!!!