الوطن في مهب الريح، وداعش يقضم المزيد من البلدات، والنازحون يعانون الامرين، والموت يلاحق النساء والاطفال والشيوخ، وابناء الاطياف العراقية المختلفة خاصة من ابناء الاقليات، مهددون بالابادة اما على يد "الفواحش"، او عطشا وجوعا عند جبال سنجار وفي المدن المنكوبة، او مخيمات البؤس والشقاء. وفي جانب اخر من الماساة تتواصل التفجيرات والمفخخات والاغتيالات والتصفيات والسرقات، والخطف المنظم، وعمليات النزوح الجماعي والهجرة الى المجهول، فيما الحكومة المحلية في الانبار تعلن عن استقالة جماعية إن تواصل، "القصف العشوائي"، وفي وقت تتفاقم فيه معاناة الناس، ويتواصل سوء الخدمات وانقطاعات الكهرباء وشح المياه والمواد الغذائية وارتفاع الاسعار، وعدم انتظام استلام الرواتب وغياب البطاقة التموينية، واعلنت دول عديدة مدن العراق غير آمنة، ونصحت رعاياها بمغادرة حتى ما اعتبره النازحون ملاذا امنا لهم، اي مدن الاقليم. وعلى خلفية هذه الماسي المتواصلة نشاهد عبثا متواصلا، وبطرا ما بعده بطر، ولا ابالية واستخفافا بارواح الناس، بل حتى يمكن الحديث عن انعدام اية مشاعر انسانية، ويتجسد ذلك في هذا المسلسل المضحك المبكي من التشبث بالمناصب والقتال في سبيلها، دون وازع من ضمير. والانكى ان البعض يهدد بفتح نار جهنم على العراق، كما لو ان هذه النيران لم تفتح بعد، او ان عراقنا يعيش في نعيم وسلام وامان، فهل هناك اسوأ من ان يهدد تنظيم ارهابي عاصمتنا الحبيبة بغداد، وتسقط مدننا العزيزة الواحدة بعد الاخرى؟ وهل سمع هؤلاء المقاتلون الاشاوس من اجل المقاعد الوثيرة ان طائرات امريكية اسقطت مواداً غذانية على المحاصرين الايزيديين في جبال سنجار؟ وهل سمعوا بما رواه شاهد عيان عن موت 300 طفل من اطفال النازحين جوعا؟، الا يكفي هذا البعض اننا فقدنا الموصل، واجزاء مهمة من كركوك وصلاح الدين وديالى والانبار، وان الارهابيين يندفعون الى اطراف بغداد، حيث المعارك تدور معهم لابعاد شرورهم عن العاصمة، ام تراهم يريدوننا لنا ان نفقد ما بقي من محافظات العراق من اجل بقائهم في كرسي السلطة؟! حقا.. وصل السيل الزبى، ولابد ان يتحمل الماسكون بالسلطة وصانعو قراراتها المسؤولية الكاملة عما حل بالوطن والشعب، فالحقائق اصبحت واضحة، والتصدي لهذا المنهج المدمر في ادارة البلد بات مطلوبا بل وواجبا، حتى تعاد الامور الى مجاريها الطبيعية، وتحشد الطاقات الوطنية كلها، في المركز والاقليم، لخوض معركة دحر الارهاب ودولة، " الخلافة الاسلامية " وتنظيمها المسخ. ولن يكون ذلك ممكنا بدون انفراجة حقيقية في الوضع السياسي، وتغيير في المنهج والادوات.
|