مأساة الإغريق
ا بالذنب ، وبالندم ، وبالعار ، وأدركوا أن كل الأشياء مغفورة ، إلا ذلك الجدل العقيم . 
ولعل حكاية البيضة والدجاجة في بيزنطة ، لا تختلف في كثير عن حكاية الكتلة الأكبر ، والكتلة الأصغر في بغداد . 
الأمر واضح لا يحتاج إلى فهم . ففي حين أن هذا البلد على وشك أن يتهاوى ، أو يحترق ، أو ينهار في أعصب اللحظات ، ويتربّص بنا الخطر من كل مكان ، وتقتلعنا العواصف العاتية ، وشعبنا يعيش في ذرى المأساة الإنسانية لم يسبقه لها شعب في التاريخ . لا زال الخلاف مستحكماً على معنى الكتلة الأكبر ، التي لم يستطع تفسيرها الفقهاء ، والحكماء ، والمفسّرون ، وعلماء القانون .. لكن الذي لا جدال فيه أن اللعنة ستحلّ علينا جميعاً .
العقدة استعصت على الحلّ ، والتفسير عزّ مناله ، والشعب يكظم غيظه .
وتعالوا نلعب ونمرح بمصائر الأوطان ، ما دام الدستور لعبة جميلة ممتعة لمن يريد أن يلعب ، ويتسلّى ، ويصرّ ، ويعاند ، ويكابر ، ويقامر ، ويحسب الأمور حسب مصالحه ، ويفهمه بميزان نصيبه من الغنيمة ، ويتقمص روح أهل بيزنطة بعد خمسة عشر قرناً من الميلاد .
ويا لبؤس دستور لا تعرف منه الأكبر من الأصغر ، ولا الأبيض من الأسود ، ولا الحق من الباطل ، ولا الألف من الياء ، ولا النقطة من الفارزة .
وبينما ينشغل العراقيون في البحث عن مأوى آمن لهم وراء أسوار المخيمات ، ينهمك ساستهم في غيظ المسعور في البحث عن مصالحهم المحفوظة . 
ليس من المهم أن يكون عمر أطفالنا أقصر من عمر الزهور ، ولا أن يصرعنا الرصاص ، وتفتك بنا القنابل ، ونحن نعيش في ظلام القرون السحيقة ، ونضحي تضحيات كبيرة وكثيرة ، عزيزة وغالية ، ويصبح القتل في بلادنا معادلاً للحياة ، ونتفوق على العالم في صناعة التوابيت . 
ليس من المهم أن تلقي علينا طائرات ( الكفار ) قناني الماء والدواء ومؤن الإغاثة ، وأهلنا محاصرون في قمم الجبال وباقي القرى والمدن المنكوبة . في حين أن عباد الله الحاكمين بأمره من ( المؤمنين ) ، عجزوا عن إسعاف ملهوف واحد لفظ أنفاسه الأخيرة ، وروحه معلقة بين الأرض والسماء .
شعرت بحزن عميق ، وأنا أتأمل الرماد الحزين من جثة طفلة لم يبق منها إلا هذا الرماد في صورة تذكارية مؤلمة بثتها وكالات الأنباء .
باختصار .. هذه هي مأساة الإغريق ، وهذه مأساتنا .