العبرة في المرحلة التي تلي الهزيمة

وحيدا فريدا هو نوري المالکي رئيس الوزراء الذي أصبح قاب قوسين او أدنى من إطلاق لفظة"السابق عليه"، في مواجهة التطورات و المستجدات على الساحة السياسية العراقية، حيث يخوض مواجهة فاشلة کفترة حکمه و خاسرة کمراهناته على العوامل الخارجية.

التأريخ الذي يعتبر مدرسة و کتابا مفتوحا لأخذ الدروس و المواعظ المفيدة منها، يبدو أن المالکي لم يلتفت يوما الى هذا الامر و ظل منجرفا و لاهثا خلف سراب و وهم يمنيه بالبقاء في السلطة التي کانت ستدوم له لو دامت لغيره.

المحاولات و المساعي الاخيرة التي أبداها المالکي بوجه سير الاحداث لإختيار رئيس للوزراء للعراق، تستدعي التهکم و السخرية البالغة، لأن المالکي مهما فعل و بذل من جهود فإنه من المستحيل أن يکون بمستوى صدام حسين او معمر القذافي او زين العابدين بن علي، الذين تساقطوا کأوراق مصفرة أمام تطورات الاحداث، وان الاولى به أن يستسلم لقدره و يواجه الامر کرجل و يتحمل عواقب ماقد نجم عن فترة حکمه بکل شجاعة، وليس أن يسبح ضد تيار أکبر بکثير ليس منه فقط وانما من حزبه الذي وصل بواسطته الى هذا المستوى.

تکليف حيدر العبادي، القيادي في حزب الدعوة الاسلامي رسميا لمنصب رئاسة الوزراء من قبل الرئيس العراقي فٶاد معصوم، و التإييد الدولي الذي رافق ذلك، يعني بکل وضوح صفعة قوية بوجه کل المحاولات و المساعي البائسة و المثيرة للشفقة التي يبذلها المالکي من أجل وقف مسار و سياق الاحداث و الامور، والذي يبدو واضحا، أن المالکي قد خسر معرکته الفاشلة منذ البداية و عليه الان أن يعد نفسه لمرحلة جديدة، يمکن أن نسميها مرحلة دفع الفواتير عن کل ماقد أصاب العراق من محن و مصائب، إذ لابد أن يکون هناك من کبش فداء او شماعة تعلق عليها الاخطاء، لکن الذي يجب أن نعترف و نقر به، أن المالکي مسٶول فعلا عن کل ماجرى للعراق و عليه أن يدفع الفواتير، شاء أم أبى.

الفساد الذي إستشرى في العراق في مختلف المجالات، ومايدور عن إختفاء 300 مليار دولار خلال ولايتيه ، والاوضاع المزرية للتأليب الطائفي و الاصطفاف على اساسه، والتعرض للاجئين الايرانيين في أشرف و ليبرتي و القيام بهجمات ضدهم في الوقت الذي يعتبرون فيه أفراد محميون بموجب القوانين الدولية، وسقوط الموصل و توغل التنظيم الارهابي داعش بتلك الصورة غير الاعتيادية و قيامه بإرتکاب جرائم و إنتهاکات بحق العراقيين خصوصا من المسيحيين و الايزديين و الشبك و غيرهم، بالاضافة الى تراجع دور العراق و تدهور اوضاعه کثيرا الى الحد الذي صار في قائمة الدول الفاشلة و غير الآمنة، هذه الملفات و غيرها، تنتظر المالکي بفارغ الصبر، العبرة ليست في هزيمة المالکي في مواجهته وانما في المرحلة التي تلي الهزيمة!