هكذا يقول القاص والروائي " شوقي كريم " في روايته قد لا يحس الناس بتآكل الأحلام الأ ما ندر ، ومنهم القاص والروائي " شوقي كريم " الذي قضى حياته الواضحة للعيان عن بحث دائم في أثبات الذات والوصول إلى مبتغاه ! وهل وصل أم لم يصل !، والمقربون منه هم الذين كانوا يلازمونه في فترة حياته التي اخذتها البارات والتسكع والكتب والمقاهي والمسارح بالرغم من فقر الحال ، والتي تلمسناها في روايته الشهيرة التي صدرت في بغداد " شروكية " وقبل الدخول في تفاصيلها ، يجب أن اوجه هذا السؤال الى " كريم " لماذا لم يكتب " الشروكية " بل كتبها و من خلال العنوان " شروكية " هل هو يريد ! ومن خلال العنوان ،يريد التصغير لهذه الشريحة الكبيرة التي تعيش في المجتمع العراقي وهو ابنها البار ، أو يُشعر الآخر الذي يطلق هذه التسمية بأنها مدينة الاحزان والفقر والظلم والقهر ، والتي ظلت حالمة إلى يومنا هذا كما أحلامه التي لا تنتهي بالرغم من تبدل العناوين القسرية ، وهو بالتالي يغوص في أعماقنا التي طوقتها آهات الزمان المرير والقاسي لهذه الشريحة المعدمة ،وها هو يتلاعب بنا في فضائه الروائي السردي كي يجذبنا لقراءة روايته عبر مسيرة حياتية قاسية ، والتي تقع في 170 صفحة من القطع المتوسط ، أم أن هناك له رؤية خاصة بهذا الأسم ، وهو يحذف " ال " التعريف " ولايزال هذا الاستخدام يكتنفه الغموض ويفتح باب الاسئلة ، وتبدو هذه الأيام ومن خلال قراءتي للعديد من الروايات للكتاب العراقيين هي روايات السيرة والتي من خلالها يبثون ما مر بهم عبر شريط ذاكرتهم التي مروا بها "ولا داعي لذكر الأسماء ،لأن المتتبع هو العارف بالمشهد الروائي العراقي وما يكتب الان ، وهل نستطيع أن نقول ل" كريم " على أنها يوميات مستخدماً ضمير المتكلم أي أقصد " أنهُ تاريخ حياتك منذُ الولادة حتى كتابتها " عندما ظهرت السيرة بمسماها العام أخذت الأمم في تعريفها بما تعارفوا عليه في ثقافاتهم المتعددة ، فالعرب على انها ما يمكن أن يتحدث به الإنسان عن نفسه أو عن غيره ، وأطلقوا عليها " سيرة " دون تحديد ماهيتها ذاتية أو غير ذاتية ، ولكني أجد صرخات " كريم " هي صرخاتي التي تنفستُها من خلال مفردات الرواية ، وكأن المدينة التي عاش فيها والتي عشت فيها ، منذُ طفولته المأساوية المشبعة بالإنتظار " كانت هذه الحالة تحير رأسي ولم أجد لها جوابا حتى الآن ، تشرق الشمس فتطير في فضاء الساحة التي تشبه السوق مئات من القصص والأكاذيب والادعاءات الفارغة والأوهام ولواعج القلوب المدهونة بالحزن والرهانات على تواريخ بعيدة " ص51 ، يريد منا وهو يُظهر التأثيرات أو هذا الشريط السينمائي المضروب في مخيلته العاجة بالكتب وأسماء مؤلفيها أن يعطينا دروساً كثيرة في العديد من المواد التي أدختلنا في هذا العالم المضطرب وهو عالم الثقافة الذي أكل الدهر عليه وشرب في هذه الأيام المتسارعة بالصورة والصوت ، لكنه ظل متشبتاً به ويظل هو الحالم بوهج الكلمات التي أطلقها لسانه ، وهو الحالم في طلب الخلاص من هذه المرارات التي تجمعت حوله كالزنابير التي تحمل في أشرعتها السموم والخوف من المجهول ، هنا نهرول في عالم فسيح على إمكانيات وأحداث وذكريات وكائنات وأصوات داخلية يحملها " كريم " في هذا السرد المتلاطم الذي يخزنه في ذاكرته على شكل ملاحم ومعارك عبر تاريخه الجنسي ، الحربي ، الخنادق ، الحراسات ، السجن الجوع ، الوحدة ، الفراقات ، وهو القائل " ليس ثمة وميض ضوء يجعلك ترفل بقناعة الانتهاء " ص51 ويكمل " جعلتنا الحروب نعتاد لغةَ الصراخ " اذن في هذه النزاعات المتلاطمة باحثاً عن الخلاص كما الإيرلندي" صموئيل بيكت " في مسرحية " انتظار غودو " روحه بعبارة أدق ، أهو المنقذ أم الشافي أم من يجعل الحلم حقيقة ، ويبدو هذا الوصف الصحيح لحياة معظم العراقين الذين تلاعبوا بنا على مر التاريخ بمناهجهم القومية والدينية " نحن قتلة محبين لمرأى الدم وانين المتوجعين " وهو ما يحدث الان لشعبنا في ظل الاحتراب والاقتتال " اخذتنا ونحن نتمتم بشفاه الشعراء المجانين ، وها هي تعود بنا مملؤيين بأناشيد تحفر الروح على ممارسة القتل !! أخذتنا الحروب ، وربما تركتنا ، ونحن حطام ونقاط وفراغات ، وهذا هو الوجع الذي يحمله " كريم " ما فائدة أن تدمر أعمارنا أزاء أحلام قد لا تتحدث عن شيء أبدا ، ما فائدة أن نحلم محاطين بجرائم تعذب أعمارنا ، أو نحن قادرين على ممارسة التغيير بعد أن عطل العالم ذواتنا !ص56 .
|