العراقيون اعتادوا توجيه اتهاماتهم الى "ابو البلاوي" من دون الإشارة الى اسمه الصريح اثناء اندلاع الازمات والمشاكل ، وعندما تكون البلاد على كف عفريت ، لا احد يعرف مصيرها ، تعلن "القيادة الحكيمة " انتصارها على اعداء الداخل والخارج وتطلب من الشعب الثبات والصمود ، لإحباط المخططات التآمرية. "ابو البلاوي" نموذج عراقي أفرزته العملية السياسية بعد الغزو الأميركي للعراق ،وعلى الرغم من إعلانه التمسك بالدستور الذي وصفه الشاعر الحلاوي رعد كريم عزيز بقوله" الدستور كتال صاحبه " ، والعمل على توطيد النظام الديمقراطي ، فرض سيطرته ونفوذه على مؤسسات الدولة ، وفي مقدمتها القوات المسلحة ، وله اذرع طويلة تمتد الى السلطة القضائية فجعلها تحت امرته في إصدار مذكرات القبض على الشركاء والخصوم ، ويدعي انه يمتلك "ملفات خطيرة " بإمكانه في الوقت المناسب فتحها وتحريكها ضد من يشاء بذريعة الحفاظ على النظام السياسي . وبفضل "ابو البلاوي" انهزم الجيش وترك معداته وأسلحته بيد عناصر الجماعات المسلحة الإرهابية ، وبفضله ايضا تمددت دولة الخلافة ، وهجرت الملايين من سكان المدن الخاضعة لسيطرتها ، فتمددت دولة الخلافة في الأراضي العراقية ، وحصلت المواجهة عبر وسائل الإعلام وصدور البيانات مع تصريحات تؤكد ان رايات النصر ستخفق قريبا في سماء محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين . على مدى عشرات السنين دفع العراقيون ثمن الصراع السياسي للوصول الى السلطة ، ويوم تولت" القيادة الحكيمة " موقع المسؤولية ، انتقلت جهنم من موقعها في السماء الى الأرض العراقية ، لتحصد الأرواح وتعلن بصوت مرتفع هل من مزيد ؟ وفي مرحلة الانتقال من النظام الشمولي الى الديمقراطي ، اتسعت مساحة جهنم ، وتجسدت خطورتها باستخدام مفاتيحها من قبل المتشبثين بالسلطة أصحاب التصريحات المعلنة في كل يوم بانهم الجهة السياسية الوحيدة المتمسكة بالدستور ، ولن تتنازل عن حقها في كل الأحوال . مبدأ التداول السلمي للسلطة حوله عشاقها الى أكذوبة ، تقال لغرض الترويج الإعلامي وتلميع الصور الكالحة ، وحين توجه العراقيون الى صناديق الاقتراع للتعبير عن إرادتهم في اختيار ممثليهم في البرلمان ، لم يعلن قائد سياسي اعترافه بالفشل ، ولم يبادر الخاسر بتقديم التهنئة للفائز ، وهناك من قال بان الانتخابات شهدت عمليات تزوير ، واخر طالب بإعادة عملية العد والفرز يدويا ليتأكد من عدد أصواته ، وثالث بدأ بحساب نقاطه ليضمن تمثيله الحكومة ، من اجل ان يفي بوعوده في خدمة قواعده الشعبية . الأداء السياسي جعل الكثير من العراقيين يتناولون المهدئات ، وحبوب الفاليوم ، للتخلص من الضغوط النفسية نتيجة الشعور بخيبة الامل ، والخوف من المجهول ، وانعدام الثقة بالقوى السياسية الحالية بلا استثناء ، لكونها لا تعرف ما تريد ، ولم تحقق فقرة واحدة من برامجها الانتخابية، كل الأحداث الكارثية التي مرت في البلاد كانت نتيجة طبيعية لفشل الساسة ، في تشخيص الأسباب ومعالجتها ، وفي مقدمتها غلق أبواب جهنم. |