لو كنت مكان رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي لتمسكت بتعميق التجربة على الأداء الحكومي وبما يعيد ترتيب الوراق على أسس عليمة لا اجتهادات شخصية تنقصها المعرفة و النضوج، و لأن العبادي متخصصا في الكهرباء علية مسؤولية اكمال الدورة الكهربائية، فبدون السالب و الموجب لن تكتمل تتحقق النتيجة المطلوبة، لذلك ينبغي قراءة سوء التقدير في التوصيل بين الماضي و الحاضر لإنارة المستقبل بحسابات منطقية، بعيدا عن ركام الفشل لا و سوء التقدير بخصائص الحياة الطبيعية.
ولو كنت العبادي لتنازلت مبكرا عن جدلية العلاقة بين السلطة التنفيذية و المؤسسة العسكرية لوضع خطوة كبيرة على طريق انهاء التسلط و الديكتاتورية و البيان رقم 1 من عقول السياسيين بمختلف مشاربهم، و التأسيس لدولة مدنية بمؤسسات متخصصة وقابلة للحياة عبر قضاء مستقل و محاسبة حقيقية، فعندما يشعر المواطن بالانتماء يكون العطاء متميزا، فحالوا الاستفادة من تجربة العيش في عالم الحرية لمنع أقبية الظلم و الترهيب والدولة البوليسية، فليس منطقيا تحويل المهندس الى شرطي بسبب الفاقة أو الجاهل الى " مستشار" بحكم صلة القربى و مفهوم الولاء الاستبدادي!!
ولو كنت العبادي لطلبت تعديلا دستوريا يفرض التخلي الفوري عن مفردات الاحتلال بحيث يكون هناك عنوان موحد للشرطة و الجيش و قيافة جديدة و موحدة هي الأخرى، بتجهيزات عسكرية غير أمريكية لأن المواطن تستفزه " الهمر" و اشارات " خطر.. ابقى بعيدا 100 متر"، التي تحولت الى " نكبة " في التلاحم بين الشعب و جيشه، بعد أن ظلت العلاقة وثيقة و التلاحم استثنائي بدليل ان الشعب كان يودع الجيش الى الجبهات و يستقبله بالأهازيج وليس العكس مثلما يحصل اليوم.
ولو كنت العبادي لقررت الذهاب بعيدا في الاصرار على تشكيل حكومة كفاءات وانهاء العمل بالتزكيات الشخصية و الحزبية و الاعتبار بفشل تجربة " البيت الضيق" و الانتقال الى مرحلة المستشارين المتخصصين لا المترهلين سياسيا ، وتكليف ضابط لاداراة وزارة الدفاع و مسؤول أمني متخصص للداخلية و قاضي صاحب خبرة للعدل، بحيث ينتهي استنساخ المفاهيم و التوصيفات الإدارية الأمريكية التي أفقدت الدولة العراقية هيبة مؤسساتها ، واضافت تعقيدات لا مبرر لها من دائرة المفتش العام وحتى و النزاهة وتنوع دوائر القضاء و المؤسسات الخيرية بميزانية الدولة.
ولو كنت العبادي لعجلت في اعادة النظر بقانون الاجتثاث و الأحزاب و المنظمات، و الخروج السريع من دائرة الخوف و تكالب مصالح السياسيين، فالبعثي الذي لم يرتكب جرما ليس متهما و الضابط الذي حارب ايران ليس خائنا، كما أن الذين عملوا في دوائر الأمن خدموا الدولة العراقية مع شطط واصل تناسله منذ 11 سنة فيما يطلقون عليه" العراق الجديد"، ما يعني ان الخلل في مزاج صاحب القرار وليس العاملين، فكم من مؤسسات حكم تعمل لصالح المالكي بأموال الدولة العراقية، ما يتطلب مواجهة الحقائق بشجاعة طالما الجميع يؤمن أن الله واحد و العمر واحد!!
السيد رئيس الوزراء العراقي الجديد.. لو ان تجربة الأمس جميلة لما تعالت الأصوات المؤيدة لكم في خلافة المالكي، ولو أن الأخير تقرب الى الشعب بمزاج عراقي لما وصل القتل الى داخل مقابر الموتى، ولما تشرد الملايين في ظروف يندى لها جبين كل مؤمن، ولو أن فلسفة التسلط قد آتت أكلها بالأمس البعيد لما حدث الطوفان في العراق، ولو أن حلقة المستشارين " المغلقة قولا وعقلا" قد نجحت في اطالة أمد التضليل لما استبشر العراقيون خيرا بعقلانية توجهاتكم، لذلك فان مسؤولياتكم كبيرة في انهاء مظلمة " كسر الخواطر" من خلال العمل على بسط سلطة القانون على الجميع وانهاء دور " الدخلاء " على الأمن و السياسة بحيث لا يعلو الا صوت العقل و الانصاف، و ينتهي شبح الميليشيات و جميع الخارجين عن القانون و يتنفس العراقيون الحرية و المساواة، لأن الطائفية سياسية لا شعبية وان القضاء عليها يبدأ بتشكيل حكومة عراقية حتى لو كانت من لون واحد فالمهم
تقديم الخدمات و تحقيق سعادة المواطن لا طبيعة الانتماء السياسي أو الديني، نريد عراقا يتسع لأبنائه لا بلدا للنازحين و المهجرين و المحرومين، مهمة صعبة و غير مستحيلة.. نريد خطوة بالاتجاه الصحيح من خلال وقف العنف و اطلاق سراح المظلومين بشهادة المخبر السري و أخوانه!!
لا يجوز في بلاد الخير و الكرامة و ثرى أل بيت رسول الله ان يكون العراقي فقيرا و جائعا و محروما من بيته و عائلته ولا مظلوما لخلاف سياسي، جربتم المعارضة و ضغوطها ، فاعملوا على المصالحة الحقيقية لبناء عراق الجميع، شاهدتم دموع الاطفال و الثكالى و انهيار هيبة مؤسسات الدولة فقاتلوا أسبابها بانهاء أو تطويق الظلم الاجتماعي بروح رياضية و علمية، حيث تجمعون بين الكهرباء و الرياضة وثقافة الدين المتسامح ، فالدولة لا تحميها الجدران الأسمنتية و المصفحات بل مشاركة ابنائها في رفع أعمدة البيت من الداخل لا التناخي باقتلاعها، نريد دولة مدنية لا دكاكين حزبية و دينية اختلط فيها الحابل بالنابل الا مصلحة الوطن.. !