التحقيق ومحاكمة المسؤولين عن انتكاسة 9 حزيران.. المفتاح لبناء العراق وانتشاله من التخلف

من أكثر مقومات بناء الدول العادلة والديمقراطية أهمية وخطورة بعصرنا هو قطع الطريق على أصحاب النزعات التسلطية والذين يشكلون الأخطر في بناء النظم الطاغوتية ، وهذه الحقيقة اشار إليها القرآن بأوضح صورها بقوله : (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) .ولذلك فإن أي حاكم يشعر بالأمان من المحاسبة سوف لن يتردد في نشر سلطانه قهرا ، وهذه نزعة إنسانية موجودة لدى الجميع ، فإذا ما افترضنا أن النزعة الشريرة والتسلطية تكون دائما هي الغالبة على تصرفات الأشخاص الذين يتقلدون مناصب قيادية عليا وهذه هي حقيقة واضحة. وقد نجح الغرب في تجاوز هذا الأمر الخطير من خلال تشريع قوانين صارمة تكاد تكون شاملة وتغطي كل مناحي الحياة المختلفة وأخضع لها المجتمع برمته دون استثناء وليس في وسع أي شخص الإفلات منها حتى لو كان رئيسا للحكومة أو ملكا. ولذا نرى دائما استقالات أو إبعاد مسؤولين كبار من مواقعهم لأخطاء قد تكون تافهة في أغلب الأحيان ، وغياب محاسبة الطواغيت في بلداننا والعراق خاصة اصبح أمرا واضحا منذ سقوط النظام البعثي المقيت ولحد الآن ، وقد تجلت حقيقة غياب محاسبة المقصرين في حكومة المالكي بشكل واضح وجلي وصارخ، لضعف المؤسسة القضائية ونجاحه في استمالتها لصالحه ، وقد تعمد المالكي فعل ذلك ليخلو له الجو للعمل والتمهيد للبقاء في السلطة فجمع في شخصه أخطر المناصب الأمنية وهي ( وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني وقيادة المخابرات ) ومن أجل أن تكتمل الهيمنة استغل سلطته تلك في إخضاع له أهم أربع مؤسسات خطيرة تضمن له توفر المال وتساعده لوجستيا في تحقيق هدف البقاء في السلطة والمؤسسات هي ( البنك المركزي العراقي والمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وهيئة النزاهة وهيئة المسائلة والعدالة ( اجتثاث البعث سابقا ) .
اليوم وبعد أن أصبح المالكي خارج اللعبة ، ومن أجل لانسقى هذه الكأس المرة كرة أخرى ، علينا كشعب ومثقفين ومخلصين أن نمسك بزمام ( محاسبة المقصرين ) خلال الثمان سنوات الماضية التي كانت حافلة في التخلف بكل اشكاله وغياب الخدمات واصبح فيها العراق بكل دهاليزه مرتع للفساد وسرقة المال العام وساحة يجول فيها عباد الدنيا والانتهازيين والوصوليين ، ثمان سنوات عجاف ختمت بضياع ثلث العراق وحصول كارثة إنسانية فضيعة .
اليوم على الجميع إذا ما أرادوا أن يقلدوا الشعوب المتحضرة الواعية الحريصة على دمائها وأموالها وسمعتها ويستفيدوا من خبرتها أن لا تمر هذه ( الكارثة ) دون معرفة اسبابها ومن كان ورائها وأن يبادر مجلس النواب بأسرع وقت في تشكيل محكمة خاصة تنظر ببحر الدماء الذي سفك والأموال العامة المهولة التي أحرقت ، والمعدات العسكرية التي تركت في سوح المعارك وشكلت ( داعش ) بها دولة قوية .
إذا لم نبادر جميعا إلى تحقيق ذلك فاعلموا أيها الأخوة أن حالنا البائس المتخلف سوف لن يشهد تحسنا ، وعندها لا يحق لنا أن نلوم أحد من الطغاة ، بل علينا أن نلوم أنفسنا .