لماذا لايصد الجيش والبيشمركة داعش؟

ماذا لوكنت تواجه عدواً يحمل رشاشاً أوتماتيكياً في الوقت الذي تملك فيه سكيناً أوحتى بندقية صيد أو مسدساً ؟ لنوسع الصورة : عدوك يقود دبابة حديثة مجهزة بكل وسائل التدمير والقتل ، وأنت تحمل بندقية قديمة صدئة ! كيف ستواجه ذلك؟

أتابع منذ عدة أيام ماتنشره ال( سي ان ان ) وال (بي بي سي ) وال ( فرانس برس ) و غيرها من وكالات الأنباء والفضائيات العالمية . ما أثار إنتباهي هو الحديث عن أسباب عدم مواجهة قوات البيشمركة لقوات داعش الظلامية التي أحتلت الموصل وقرى ومناطق أخرى لاتفصلها سوى عدة كيلومترات عن مناطق أقليم كوردستان . كل وكالات الأنباء والفضائيات تؤكد ان ماتملكه قوات البيشمركة (وحتى الجيش العراقي نفسه ) هو اسلحة قديمة لاتقوى على مواجهة الأسلحة ( الأمريكية !) الحديثة المتطورة التي بيد داعش.

حسناً ، من أين جاءت هذه الأسلحة المتطورة وكيف وصلت إلى داعش ؟ أهي هبة من السماء نزلت أليها من الله كدليل على معجزة الخليفة البغدادي ؟ تماماً كما أرسل الله طيراً ابابيل ، ترمي أعداء داعش بأسلحة من سجّيل؟؟ ولتفتك بكل من يخالف هذا الجنون السادي الذي يمتلكه صبية داعش المتوحشين ؟

كيف وصلت الأسلحة هذي الى يد داعش ، إذا كان زمن المعجزات قد ولى؟ يجمع الكل على أنها إما أسلحة الجيش العراقي الذي هرب بعد ان سلم قادة الجيش والحكومة المحلية الموصل وغيرها على طبق من ( الماس ) الى داعش! أو انها أسلحة تم السيطرة عليها من جيش الأسد ! فإذا كانت أسلحة الجيش العراقي ، فهذا يعني ان الجيش العراقي مازال يملك أسلحة مماثلة أكثر ويستطيع مواجهة داعش ودحرها ، فلماذا لايفعل ولايقدر؟ ولماذا شكا النظام العراقي منذ بداية الأزمة من أن أمريكا لاتزوده بأسلحة استراتيجية متطورة ليتمكن من مواجهة داعش؟ أو ان هناك ما ستكشفه الأيام والسنوات لاحقاً ! ثم لماذا لم يجري الحديث من قبل عن تسليح قوات البيشمركة بأسلحة متطورة ، على الأقل ، لمواجهة داعش؟ ولماذا الآن فقط ، عندما أصبحت حتى أربيل مهددة ، وعشرات الآلاف مشردة وتواجه الموت ؟ أما قصة الأسلحة من الجيش السوري فلا تحتاج الى ( فهلوة نظرية ) لدحرها ، فتسليح الأسد روسي ، وليس أمريكي ، وبالتالي لا يمكن الحديث عن أسلحة ( أمريكية متطورة ) بيد داعش ، مصدرها الجيش السوري !

عندما أتُهم الجيش الحر والقاعدة والنصرة وداعش وبقية الفصائل المقاتلة في سوريا باستخدام الأسلحة الكيمياوية وأسلحة أخرى متطورة ، وقف الناتو والغرب عموماً بشدة ضد مثل هذه النظرية ، على اعتبار ان مثل تلك الأسلحة المتطورة تحتاج الى كادر عسكري متخصص تدرّب طويلاً قبل ان يستطيع استخدام تلك الأسلحة ! فكيف أستطاعت داعش أستخدام أسلحة ( أمريكية ) متطورة وقعت بين ليلة وضحاها بيدها ؟ ومن أين أتت تلك الكوادر التي أمكنها إستخدام تلك الأسلحة؟ والجواب لدى الأعلام الغربي جاهز أيضاً ! أنهم ضباط وعسكريين بعثيين من جيش صدام الذي سرحه بريمير، وقد تحالفوا مع داعش كرهاً بالمالكي ونظامه ! وهنا يمكننا التساؤل أيضاً : لقد تم تسريح هؤلاء العسكريين من أكثر من عشر سنوات ولم يتدربوا على هذه الأجهزة الأمريكية الحديثة أصلاً ، وتسليح صدام كان روسياً بشكل أساسي ، فكيف تم لهؤلاء العسكريين معرفة إستخدام هذه الأسلحة؟ وهناك الكثير من الأسئلة التي تبقى ضبابية الاجابة ، طالما ان هناك من يرغب في ذلك ويستطيع خلط الاوراق عبر إعلام مدروس !

ونعود للأسئلة : من أين جاءت تلك الأسلحة ؟ ومن أين جاء مستخدموها ؟ ولماذا لم يتم تسليح الجيش العراقي ، ولماذا لم يتم تسليح قوات البيشمركة من قبل ليتم وقف زحف داعش وردعها؟

تركيا تمثل جزء كبير من الأجابة ، ومن المعادلة ! حين احتلت داعش الموصل أخذت رهائن من سائقي الشاحنات ودبلوماسيين أتراك ،فهددت تركيا (!) بالرد لو أصيب أي من مواطنيها بسوء! ترى ماالذي جرى فيما بعد ؟ وكيف اختفت قصة المختطفين ، ولم يعد يذكرها أحد ؟ وهل يحتاج المرء الى ( ضرب تخت رمل ) ليكتشف هذا الكاريكاتير السمج! تركيا تعلن مخاوفها و تدّعي في الأيام الأخيرة انها تتضرر من داعش ومن أنشطتها على الحدود المشتركة مع سوريا والعراق ، فمن أين تسرب الآلاف من مقاتلي داعش القادمين من كل شتات الأرض؟ أعبر الحدود الصينية ، أوالمكسيكية ، أو الهندية أو الموزمبيقية ياترى؟ وهل لدول أخرى غير تركيا حدود مشتركة مع البلدين؟ أم أنها تلك اللعبة القديمة – الجديدة : أكذب ، ثم أكذب ، ثم أكذب حتى يصدقك الناس.. خاصة وان السذج الذين يتعلقون بأذيال الأعلام الغربي ومايبثه يشكلون الأغلبية ( للأسف !)