بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة , وبداية تصاعد الاصوات وتحولها الى حملة لإزاحة المالكي , ظهر رئيس الوزراء ( المنتهية ولايته ) السيد المالكي ورئيس منظمة بدر ووزير النقل السيد هادي العامري في مؤتمر صحفي . وبعد الاجابة على عدة اسئلة حول نتائج الانتخابات , وفوز قائمة دولة القانون بأكثرية المقاعد . ورغم فوزها الكبير وفوز رئيسها المالكي بأعلى الاصوات التي تجاوزت السبعة مئة الف صوت , الا ان حملة ازاحته تنمو لتشكيل وزارة ليست برئاسته , وقد يخسر ( الولاية الثالثة ) كما يسميها . بعد ان اجاب السيد المالكي على الكثير من اسئلة الصحفيين التي كان بعضها استفزازيا , الا ان ثقته بنفسه , وهو المفوه في الكلام , فرض جو من الثقة والاطمئنان على اجواء المؤتمر الصحفي . واعتقد الجميع بشبه يقين بأن " الولاية الثالثة " قادمة لا ريب فيها , ومهما تمرد السنة , وقاطع الاكراد , وبعض الشيعة الذين لا يعرفون مصلحتهم ومصلحة طائفتهم , وقسم منهم حتى بدون ان يدرك اصبح وسيلة لتنفيذ مصالح الفئات الاخرى على حساب المصلحة الشيعية في العراق وفي المنطقة . اجواء الثقة التي اشاعها رئيس الوزراء السيد المالكي , الذي لم يكتف بقدرته البلاغية للإقناع , بل زادها في تلوين نبرات صوته , وتحكمه بإلقاء يعجز اي قارئ حسيني من ان يشحنه بمثل هذه العواطف الجياشة , وانتباهات تساؤليه, وملاحظات عقلائية , تركت اثرها البين ليس على الصحفيين فقط , بل وعلى رئيس منظمة بدر ووزير النقل السيد العامري شريك السيد المالكي في المؤتمر الصحفي . وعند سؤال السيد العامري حول استمرار التزامه الاصطفاف مع دولة القانون ؟ رغم الاشارات التي ظهرت من المرجعية الكريمة في النجف الاشرف , حول ضرورة انتخاب الاصلح والأكفأ , وتصاعد الحملة لحرمان السيد المالكي ودولة القانون من الفوز بولاية ثالثة ؟ اجاب السيد العامري بعد ان ابتسم ابتسامة عريضة , واخذ بعض الوقت للتفكير , وظهر عليه بعض الارهاق الذي اصابه نتيجة التفكير وتحضير الجواب . ومثل هذا الارهاق المرتبط بإبداع الفكرة , يمنح وجه المتحدث اشعاع الاكتشاف ووهج اليقين الغير قابل لأي تشكيك , بل ولا يقبل حتى المناقشة : ان علاقتنا بالسيد المالكي ليست مرتبطة بامتيازات الحصول على الولاية الثالثة , ان علاقتنا اكبر بكثير من السلطة والجاه والمال , اتها علاقة "زواج كاثوليكي " . نظر المالكي بوجهه بود وانبهار , وخفض رأسه . " الزواج الكاثوليكي " يضرب به المثل لانه لا يتم التفريق فيه اثناء الحياة حسب المذهب الكاثوليكي , ولا يفرقهم الا الموت . تعالى التصفيق من بعض الصحفيين , وبعضهم الآخر تمتم بأدعية وتبريك , وهزت القاعة هلهولة فصيحة برنين يضاهي اجراس الكنائس بقوته , وتعجز افرح النساء من الاتيان بمثل غنجه . وتبين ان صاحب الهلهولة ( صحفي ) عوازة من اتباع دولة القانون , يحضر مؤتمرات القائمة ليسأل الاسئلة التي وضعت في جعبته والتي تريد ان تتحدث عنها دولة القانون . هادي العامري لغاية قبل ثلاثة ايام لا يعرف اين يضع قدمه , الصبح يقول نحن مع التحالف الوطني , وبعد الغداء يؤكد انه جزء من دولة القانون , وبعد صلاة العشاء يوضح " وين متوكف نذب جلالها " . العامري والشهرستاني تأخرا في اظهار موقفهما بشكل واضح , بانتظار معرفة اية كفة ستميل , كفة المالكي ام باقي اطراف التحالف الوطني الشيعي . الشهرستاني حسم موقفه بعد ان عرف الجواب من شقيقه جواد نسيب السيد السيستاني , اما العامري فلا احد خبره لا الايرانيين وربما لايعرفون في وقتها ايضا , ولا احد من باقي الاحزاب الشيعية , واستمر رجل هنا والأخرى هناك . الى ان اخذت برقيات التأييد تصل العبادي لاختياره , وبعد اذاعة برقية الايرانيين اعلن السيد العامري تأييده للعبادي , وأكد انه لا يخالف امر المرجعية في النجف الاشرف . وظهر ان الزواج ليس كاثوليكيا كما ادعى , بل زواج متعة قد لا يدوم اكثر من قضاء الحاجة .
|