أزمة الأعلام وثقب الهلام |
قبل ثلاثة أيام ظهر خبر عاجل على الفضائيات قال في حينه أن الرئيس (أوباما) سيظهر بعد ساعة ليلقي خطاباً عن العراق , على الفور أنتقلت الى الغرفة الأكثر هدوئاً في البيت حاملاً علبة السجائر و البيبسي و الكرزات لأستمع بتمعن لذلك الخطاب , فهو في نظري سيكون الأكثر تأثيراً على المستقبل القريب للعراق , لم أنزل (الريموت كونترول) من يدي طوال تلك الساعة , أصبت بحالة من الهستيريا كانت مزيج من الفضول و الترقب والأنتظار , أنتقال مستمر لا على التعيين مابين القنوات , حتى أتت لحظة الفرج , ظهر أوباما واقفاً أمام البيت الأبيض , العالم كله ينتظر ماسيقول هذا الرجل الذي يحكم العالم ويؤثر في كل قرار , وكانت الصدمة أخوتي الكرام , فخطابه كان مقتضباً جداً , ساند فيه تشكيل حكومة جديدة و أهتمامه بالمدنيين في العراق ! أقل من نصف دقيقة , كان هادئاً رغم مسحة الأمتعاض , لم يشتم بوش لأنه ورّطه بقضية العراق , ولم يتطرق الى (الشهداء) من الجنود الأمريكان الذين سقطوا دفاعاً عن أميركا و الصليب في العراق , ولم يذكر أسماء القتلى من (عصابات داعش) في الغارات رغم أن الأقمار الصناعية صورتهم وكذلك رآهم الطيّار الأمريكي وهو يصول على الأرهاب , و نسي أيضاً مسألة المساعدات التي قدمها للنازحين بالأرقام والكيلو غرام , لم يشجب أفعال الأعداء التاريخيين لبلاده و لم يثني على الأصدقاء , حاول التقليل من شأن ما قامت به أميركا خلال البضعة أيام الأخيرة , لم يبالغ أو يدعي بل ألتزم بالمقولة العربية التي نسيناها نحن مخترعوها (خير الكلام ماقل ودل) , لم يكن متفضلاً على أحد وكان خطابه يتناسب تماماً مع الفعل الذي قدمته دولته في هذا المجال , وشتان مابين ظهور رئيس أميركا العظمى و ظهور (مسؤولينا) في واجهات الأعلام . في حالتنا أعتدنا ظهور شخصيات أول ما يتبادر الى أذهاننا و نحن نطالعها أن يتخذ قرار سريع بتغيير أسم الـ (عراق) الى الـ (عراك) , البعض منهم مستنسخ فعادة مانجده حاضراً في أكثر من قناة , يسيئون للمشاهد أكثر مما يسيئون لأنفسهم بقلب الحقائق وتسويق الخرافات والأوهام , أغلب الناس يئسوا من رؤية أي جديد يفضي الى أمل بالخلاص من هذا (الچـيح) المسمى مستنقع التخندق و الصراع , صراع بين الطوائف , وداخل الطائفة الواحدة و بين الأحزاب , وشخوص الحزب الواحد يتصارعون فيما بينهم , فبنتا نشهد كل يوم أنشقاق , وظهور الجديد من المسميات التي تفرق الجماعات , المكسب الوحيد الذي حصل عليه المواطن هو وصول أنواع جديدة من الشتائم يتناقلها البسطاء , فالناس على دين ملكوها و إن أنحدروا بهم الى الظلمات . |