هل يوجد عذر لكي نسقط مرة اخرى ؟!

بعد اقل من عشرين ساعة اعلنت خمسا وعشرين عشيرة من عشائر السنة في المنطقة الغربية انضمامها الى الجهد الحكومي في محاربة داعش , وأعلن زعماء قبائل سنية استعدادهم للمشاركة المشروطة في حكومة العبادي . وقبلها اعلنت بعض القبائل وفصائل اخرى رفعت السلاح بعد ان فضت احتجاجاتها السلمية ومطاليبها المشروعة بالقوة , والتي اعترف بمشروعيتها رئيس الوزراء المنتهية ولايته المالكي , اعلنت بأنها تخلت عن السلاح وعادت لمجارات ومساندة العملية السياسية . هذا غيض من فيض الامل الذي ارتفعت مناسيبه عند كافة العراقيين من الموصل الى البصرة .
من جانب آخر , ترافق مع اخراج مشهد تنحية المالكي وهو يلقي بيانه وسط قيادة حزب الدعوة ودولة القانون وكأنهم في موكب جنائزي , اتخاذ القرار الاممي في هيئة الامم المتحدة وتحت البند السابع ضد داعش , واتخاذ الخطوات الملزمة للمجتمع الدولي بتطويق كل من يقدم الدعم لها او يساعد بإيصال المتطوعين اليها . وبعد ساعات ابدا الامريكان والاتحاد الاوربي الاستعداد لتقديم المساعدة العسكرية للبيشمركة الكوردية والجيش العراقي . وفي نفس الوقت سيزور بغداد خلال هذه الايام بعض وزراء خارجية الدول الاوربية , وفي المقدمة منها وزير الخارجية الالماني يوم الاحد المقبل .
استجابة العشائر السنية , وقرار هيئة الامم المتحدة , والمساعدات العسكرية , وكثافة الدبلوماسية الغربية باتجاه بغداد, كلها جاءت خلال اربعة وعشرين ساعة , تؤكد ان ساعة الصفر كانت اذاعة بيان المالكي حول تنحيته . ويقول البعض ان اجتماع عمان للأطراف السنية المعارضة والتي حملت السلاح بوجه الحكومة – وقسم منهم بعثيين وتكفيريين قتلة – جاء برعاية امريكية , حيث وجدت اميركا انها لا تستطيع ان تتورط بحرب مع داعش , بعد ان تمددت داعش بسرعة وأخذت تهدد المصالح الامريكية والغربية . واجتماع عمان اقرب للاجتماع الذي عقدته امريكا للمعارضة العراقية في لندن , ووضعت فيه اسس التحاصص الطائفي والقومي قبل ازاحة صدام بفترة قصيرة . وفي اجتماع عمان تم الاتفاق مع القيادات السنية على اعادة تشكيل العملية السياسية وإنصاف السنة بسلطة تتناسب مع استحقاق وجودهم .
الاهتمام الامريكي والدولي الكبير بالوضعية العراقية , ومساعدته للخروج من الازمة التي تكاد ان تفتك به نتيجة الفشل الذريع للقيادات العراقية التي تولت ادارة العراق , بعد ان استمرئت تطبيق التوجيه الامريكي في التحاصص الطائفي والقومي , و ( ابدعت ) فيه , حتى سبقت كل توقعات الادارة الامريكية في اضعاف الهوية الوطنية , وإشغال المكونات العراقية سواء كانت طائفية ام قومية بالبحث المنفرد عما يمكن ان تحققه لطائفتها او لقوميتها بعيدا عن وحدة المصالح المشتركة للعراقيين جميعا . وفات الامريكان ان المكونات العراقية ليست متجانسة مع بعضها اولا , وثانيا يمكن ان يكون كل مكون عدة اطراف متحاربة فيما بينها , وهو ما اضحى عليه العراق بعد ان اوصلت حكومة المالكي هذه العملية التحاصصية الى طريقها المسدود .
تدخل المجتمع الدولي ومساعدته للخروج من هذا المأزق , يؤمل ان يستثمر بأقصى الدرجات من قبل حكومة العبادي , وهي فرصة تاريخية اخرى بعد ان خلصونا من نظام صدام قبل عشر سنوات . اليوم يمدون لنا يد العون لتخليصنا من سوء اعمالنا وانتشالنا من المأزق الذي سقطنا فيه , ونحن نعرف جيدا ان الاهتمام نابع من اهمية خيرات وطننا ومن موقعنا الجغرافي المهم . فهل نكون اغبياء لحد اللعنة لكي لا نعدل توجهات العملية السياسية , والدستور , واسترجاع الامن , والخدمات , وبناء دولة المواطنة المدنية ؟ وهل يوجد عذر لكي نسقط مرة اخرى ؟!