مؤسسة رفحاء لا مؤسسة السجناء

إن أصدق ما تنطبق عليه المقولة الشهيرة (الثورة يقوم بها الشرفاء .. ويدفع ثمنها الشهداء .. ويجنى ثمارها الأوغاد) على النقاشات والتسويف والمماطلة التي تجري حول قضية (ثوار إنتفاضة شعبان) ومآساتهم التي بقيت مستمرة وجراحهم التي ما زالت تنزف كل يوم ألماً وبعداً وتيهاً وضياعاً وإنفصالاً عن أراضهم وبلادهم وونشأة أولادهم بعيداً منفصلين عن قيمهم الروحية والثقافية والتي تتجسد يومياً بمشكلات حياتية لها أولٌ وليس لها آخر!
من المثير للسخرية أن يتم التعمية على موضوعهم وغسل عقول الناس ودفعهم بـ(خطاب مقصود) لإطفاء (شعلة ثورة شعبان) وثوارها وأول مفردات هذه السخرية نراها بالنقاشات غير المثمرة عن ضم ثوار إنتفاضة شعبان إلى (مؤسسة السجناء السياسيين) وكان ينبغي أن يكون العكس صحيحاَ! أن يجري السجناء لضمهم إلى مؤسسة رفحاء وثوار شعبان! فقد غاب عن العقل الجمعي العراقي أن مؤسسة السجناء السياسيين لم تقم على أي أساس وسند قانوني وشرعي. فما هي مبررات وجود مؤسسة للسجناء تمنحهم (رواتب دائمة مدى الحياة)؟ هل سمعتم يوماً بوجود هكذا مؤسسة في بلدان العالم قديماً أو حديثاً؟ لماذا قامت؟ لمصالح حزبية تتعلق بـ(حزب الدعوة) الحاكم فقط لا غير ليمر القانون عبر (محاصصات وتسويات سياسية) فيتم خلق كائن مشوه اسمه (مؤسسة السجناء السياسيين) التي كان يمكن أن تنتهي بمجرد منح المتضررين سياسيين تعويضات مناسبة لمرة واحدة وفقط! في حين أن ثوار أنتفاضة شعبان الذين واجهوا وقارعوا أعتى نظام ديكتاتوري وبُطش بهم وهجروا وهاجروا قسراً لُيعتقلوا ويُسجنون في لهيب الحر وسط كثبان الرمال الصحراوية لدى آل سعود ثم يتم تشريدهم وبعثرتهم في (عمليات إنقاذ دولية) أنتشلتهم من هذا المعتقل أو (الباستيل الرملي) فـ((تطشروا)) في اصقاع العالم الأربعة فكانوا (الصوت الهادر) الذي ايقظ (الضمير الدولي) و(فتح عينه) ليرصد جرائم طاغية بغداد الهالك والذي كان نتيجته (إزالة الديكتاتور) و(الإطاحة بنظامه). فتشكلت الدولة العراقية الجديدة ببركات هذه الثورة الشعبانية وجهود أبناؤها وكفاحهم في أراضي العراق والسعودية وأمريكا وأوربا ولكن العجب الذي لا يُعجب أحداً أن يجني ثمار جهودهم (الأوغاد) الذين لم يكتفوا بجني الثمار وإنما يعملون بكل ما أوتوا من قوة على طمس معالم ثورة شعبان وأكل وهدر حقوق ثوارها رغم وجود كل المبررات والأسانيد القانونية:
ثوار قمعوا بشدة.. هربوا وهم ألوف حذر القتل والبطش.. إعتقال في الصحراء.. إنقاذ دولي لهم.. وصولهم إلى سواحل وبراري الأمان في أوربا وأمريكا.. نشاطهم العالمي والدولي الذي أستمر للإطاحة بالنظام السابق والذي تحقق دولياً باسمهم،.. النفي المستمر لهم... مآساتهم الوجودية والحياتية المستمرة؛ حيث ومثل سائر البشر وهي سنة الحياة أنهم تزوجوا وكونوا اسر وعوائل، فولد أولادهم وكبروا وبات من المتعذر عودة الكثيرين منهم كما هو معروف.. عيشهم واسرهم مفككين نفسياً ومعنويا بمآساة مستمرة معروفة بسبب النشأة خارج أرض الوطن ضمن قيم حضارية مختلفة، ولطالما قرأنا عن هذه المشكلات والتفككات ....
كل هذه المآساة تلغى وتُنسى ويعارضهم حزب الدعوة الحاكم ويضع كل العراقيل أمام نيلهم حقوقهم ليضع في الواجهة فلان وفلان من (وجوه القباحة).
أخوتي وأخواتي ثوار شعبان من سجناء رفحاء سابقاً: تنبهوا إلى أن مؤسسة السجناء السياسيين لا يوجد اي مبرر وسند وأساس قانوني لها. سوى رغبة حزب الدعوة ومساوماتهم السياسية. في حين أنتم تملكون كل المبررات والأسانيد القانونية لنيل حقوقكم. وكان ينبغي أن يكون اسم هذه المؤسسة (مؤسسة رفحاء) لا (مؤسسة السجناء) وهم من يسعون لنيل قبولهم وضمهم إلينا وليس العكس. اللهم أشهد أني بلغت.