صالون تجميل "الحكومات"

الرشاقة اول شروط جمال الحكومة ، اما اذا تعددت وزاراتها ، لإرضاء الأطراف المشاركة فيها فتكون مترهلة ، وتحتاج الى عكاز لإعانتها على المسير ، في  حكومات الدول المتقدمة اختزلت الوزارات الى الحد الادنى ، فانعكس ذلك على الاداء  التنفيذي ، وتراجع الفساد المالي والاداري ، واكتسبت الحكومة رضا وثقة شعبها ، والوزير ينظر اليه بوصفه خادم  شعبه ،  لا يمتلك  امتيازات تجعله يحمل ريشة على رأسه .
الوزراء في العراق مقارنة بنظرائهم الاجانب يتمتعون بامتيازات كثيرة  ، الاقامة في المنطقة  المحصنة ،  وعديد عناصر حماياتهم بالمئات ، يستخدمون سيارات الدفع الرباعي ذات الزجاج المظلل المزودة بصفارات انذار مرتفعة الصوت ، لفتح الطريق امام صاحب المعالي ، ابو ريشة . 
القول العراقي فلان ابو ريشة  يشير الى شخص ، امتلك امتيازات يتمتع بها بمفرده ،والتعبير يحمل في طياته بعدا طبقيا ، فهو يشمل اصحاب الثروة والمال والمسؤولين المتنفذين وابناءهم والمقربين منهم ، من النساء والرجال ، وحتى الاطفال ، فابن صاحب المعالي في  المدرسة الابتدائية تخصص له قاعة خاصة مبردة ، يجلس في الصفوف الامامية ، ويحظى برعاية خاصة من الادارة ، ومهما كان مستواه الدراسي فهو على الدوام الناجح الاول  على صفه والمتفوق على زملائه ، وريشته على رأسه المكتسبة من ابيه تفرض على الاخرين  التعامل الحذر معه ، خشية سماعه كلمة ينقلها الى ابيه فتخلف ازمة سياسية يعجز البرلمان عن حلها فيضيفها الى الملفات الشائكة .
الدعوات المطالبة  بترشيق الحكومة ، تواجهها جملة عقبات فالاطراف المشاركة في السلطة التنفيذية ترفض التنازل والتخلي عن مناصبها ومواقعها،  بدءا من الوزير الى  معاون مدير الناحية ،  حتى اصبح "الريش"  مقياس حجم الكتل النيابية ، وعدد المقاعد في البرلمان هو المصدر الرئيس للحصول على  اكبر عدد من المسؤولين حاملي الريشة على  رؤوسهم .
"المسؤول ابو ريشة" مدعوم من جهة سياسية ممثلة في مجلس النواب ، وهذا النموذج من المسؤولين غير خاضع للمساءلة والاستجواب ، تربطه برئيس  كتلته علاقة متينة وتبادل مصالح ومنفعة ، وابو ريشة مع  امثاله ، ليس مع فكرة ترشيق الكابينة الوزارية ،وافتتاح "صالون تجميل الحكومات " للمرة الاولى في العراق ليأخذ على عاتقه مهمة  تسريح مئات المستشارين او نقلهم الى وظائف اخرى ، وتجريدهم من "الريش" والامتيازات المكتسبة انطلاقا من الايمان بتحقيق العدالة والمساواة ، لاحياء مبدأ تكافؤ الفرص وانقاذه من  الانقراض .
في بلد  يستورد الكراث والبصل والفجل من دول الجوار لا يحتاج الى خدمات وزارة الزراعة ، وحين تتوقف المصانع عن  نشاطها السابق ، ويتفرغ عمالها  للعبة "الطاولي والدومنة" اثناء الدوام الرسمي تبرز الاسئلة عن جدوى وجود وزارة الصناعة وغيرها ،والاجوبة مؤجلة لحين تبني فكرة افتتاح "صالون تجميل الحكومات"  بالترشيق واجتثاث الريش .