لقد دأب البعض من مريدي المالكي بتشبيهه بالشهيد عبدالكريم قاسم في أكثر من مناسبة الى أن جاء رد المالكي المنتهية ولايته الثانية وعلى مضض بأنه ليس نوري السعيد ولا عبدالكريم قاسم ولا صدام حسين إنه نوري المالكي,لكن إن يبدو محبي هذا الرجل بالرغم مما وصل العراق بعهده خلال ثمانية أعوام لم يستطيعوا هضم تنحيته وقبول الأمر الواقع برحابة صدر.
وكالعادة يفسر د.عبدالخالق حسين كل الفعاليات الحكومية "الجيدة"بإنجازات لفترة المالكي
وكل إخفاق يرده على معارضيه في حالة من اليأس ليعلن براءة المالكي من كل الأخطاء التي مرت خلال فترة حكمه للعراق ورميها في سلّة حلفاءه أو شركاءه في الحكومة.
يعتقد د.حسين إن تنحي المالكي عن الحكم لم يحدث في البداية وليس إصرارا منه وتشبثه على البقاء وإنما ليثبت لناخبيه إنه يحترم إرادتهم ولكن بعد تزايد الضغوط عليه داخليا وإقليميا ودوليا تنحى"بملأ إرادته" عن الولاية الثالثة وهي استحقاق انتخابي ويقول د. حسين.ويتشبث بما كتبه د.ميثم الجنابي حول سيناريو تنحية المالكي بما حدث للشهيد عبدالكريم قاسم في 9 شباط 1963 مع الفارق انه المالكي لم يعدم بالرصاص في دار الإذاعة ولم يّزاح بالدبابات.ثم يُعدد الدكتور حسين منجزات المالكي وما لم يرضخ له خلال 8 أعوام.لكن:
1-المالكي خطف الوزارة من نده الجعفري على أمل الإصلاح ولم يقم به,
2-المالكي تعهد وبخط يده مع ساسة الإقليم والقائمة العراقية في 2010 على انجازما ثبته في الوثيقة التي أجازت له تسلم الولاية الثانية منها التعداد السكاني,المادة 140 المثيرة للجدل,منح علاوي منصب رئيس المجلس للسياسات الاستراتيجية من خلال 19 مادة في الإنفاق ,
3-ضرب التظاهرات السلمية في البصرة وسقوط شهداء وجرحى للمطالبة بتوفير الخدمات ومن ثم ضرب تظاهرة بغداد في 25 شباط 2011 ومن ثم اغتيال الصحفي العراقي هادي المهدي بالكاتم وبدم بارد واعتبار الجريمة جنائية,على حد نتائج تحقيق اللواء دحام,
4-لم يتردد في إزاحة معارضيه لابل حتى القريبين له,علي الدباغ مثالا,
5-انتشار الفساد والتغطية على الفاسدين وعدم الكشف عنهم كورقة ضغط يستعملها حينما يريد,طارق الهاشمي,احمد العلواني,رافع العيساوي وغيرهم...على سيل المثال وليس الحصر ,كما غض النظر عن الفساد التي اكتنف وزارة التجارة حينما كان فلاح السوداني وزيرا لابل إعفاءه من التهم المثبتة عليه وتهريبه الى بريطانيا دون حساب,
6-اتهام د.سنان الشبيبي ونائبه د.مظهر صالح بالفساد بسبب عدم منحه قرضا من البنك المركزي ب4 مليارات دولار وتوقيف د.مظهر لأيام عدة وإهانة مركزي العلمي والاجتماعي بتهم باطلة لم يثبتها القانون,
7- استمرار التدهور الأمني بشكل ملفت للنظر وانتشار الميليشيا المسلحة ,لابل تحول عشيرة المالك في البصرة الى دولة فوق الحكومة المحلية واستمرار القتال مع العشائر الأخرى في قضاء القرنة دون رادع,
8-تقريب الأقرباء والأصهار في ظاهرة لم يعهدها العراق إلا في عهد المجرم صدام,حيث قرّبَ أصهاره من مرافقين الى نواب برلمان وتوزيعهم الأراضي لكسب أصوات الناخبين كما فعلها هو شخصيا قبيل الانتخابات الأخيرة,
9-العفو عن المجرم مشعان الجبوري عبر محادثات أجراه عرابه عزت الشاه بندر وظهور الجبوري على شاشات الفضائيات كمرشح للبرلمان في 2014 ومشعان معروف لدى ألقاصي والداني بجرائمه الاقتصادية والأخلاقية والإرهابية,وكما عفا عن الكثير من البعثيين الذين أعلنوا الولاء له,
10- حصوله على 721 ألف صوت هو قمة "الذكاء"الذي امتاز به المالكي وحسب وصف الكثيرين له بالمتآمر حيث وزعت بطاقات الانتخاب للعسكريين مرتين مرة كعسكريين ومرة كمدنيين والولاء له ومن لا ينتخب فالجندي والشرطي لا مكان له في الوظيفة.كما فعل عدنان الاسدي نفس الفعل بتوزيع مفردات البطاقة التموينية بسيارات وزارة الداخلية,وتصرف محمود الحسن,القاضي,خلال الانتخابات بتوزيع الأموال والتهديد لمن لا يعطي صوته للمالكي كفضيحة سياسية من العيار الثقيل,
11- إبقاء وزارتي الداخلية والدفاع بالوكالة بحجة عدم التوافق على تسمية الوزراء,لكي يتسنى له السيطرة على الوزارتين,
12-إنزال المدرعات والجيش والقوات الخاصة الى شوارع بغداد بغية الانقلاب على الدستور والبقاء لفترة ثالثة بالحكم مستعيرا بتحرك السيسي المصري واستيلاءه على الحكم من الأخوان,ولولا الضغوط التي تكالبت عليه من كل حدب وصوب وفي مقدمتها من أمريكا بتحذيرهم له من استعمال القوة العسكرية لحدث الانقلاب,
13-انتشار البطالة,الفساد الاقتصادي,وسيطرة النفس الطائفي على كل مؤسسات الدولة وتحويل السفارات العراقية في الخارج الى إقطاعيات لدولة القانون,تحول البعثات الدراسية الى محاصصة طائفية وأعضاء دولة القانون لهم حصة الأسد,
14- والأسوأ احتلال المنظمة الإرهابية داعش الموصل ومدن أخرى لا بدون أية مقاومة من قبل الجيش لابل هروب القادة العسكريين من المدن قبل حدوث أية مجابهة عسكرية وعدم تقديم هؤلاء الجبناء الى القضاء العسكري كما ينص القانون,
15- بعد كل هذا كان على المالكي أن يستقيل بنفسه عندما رأى إن الأمور لا تسير وفق سياقات دستورية ولا يُحمّل نفسه تعب السفر الطويل مع هكذا وضع منفلت وكان بذلك قد حقق لنفسه لقب بطل ووطني ونزيه ,لكنه لم يفعل.
بعد كل ما مر لا يمكن للسيد د.عبدالخالق حسن ولا لغيره أن يشبهوا بما حدث للمالكي بالشهيد عبدالكريم قاسم لان الأخير لم يجعل من أخوته وأقاربه بمرتبة الوزراء أو المدراء فبقى احد إخوته نائب ضابط بالقوة الجوية وأخته بدون بيت خاص بها لأنه فضّل أهالي الصرائف الفقراء عليها.
لينصرف الجميع الى العمل وليس البكاء على رئيس وزراء لم يستطع تقديم أبسط الخدمات لشعبه لا بل لم يستتب ألأمن في عهده. ولم يعد إلقاء التهم هنا وهناك على تنحية المالكي من منصبه لأنه لم يعد فائدة من ذلك لان أقرب العاملين معه تخلى عنه.
|