يعرف العراقيون الذين بلغوا العقد الرابع من العمر او يزيد، الاستعمالات العديدة لـ "لزكة جونسون" كعلاج لآلام الظهر والمفاصل، و اماكن اخرى في جسم الانسان، وعندما ينتهي مفعول هذه اللزكة وتريد "شلعها" تواجهك صعوبة كبيرة، وتحتاج الى جهد مضاعف لتحقيق ذلك. ومع تطور الطب والعلوم الصحية اصبحت هذه اللزكة من مخلفات الماضي. في ميدان السياسة ايضا، ترى بعض الحكام يسعى للتشبه بـ "لزكة جونسون"، ولكن الميل العالمي نحو الديمقراطية وحماية حقوق الانسان، والتداول السلمي للسلطة، ادى في حالات كثيرة الى ازاحة او تحجيم الممارسات الاستبدادية، والتشبث بالسلطة، حتى لو كان المتشبث يمتلك قدرا من القوة، او يتوهم امتلاكها، والتاريخ مليء بالامثلة الحية على ذلك، و اصبح للعراق نصيب فيها، في الآونة الاخيرة. لقد عاني شعبنا العراقي من المآسي والكوارث الامنية والسياسية والاقتصادية - الاجتماعية، ما لا يمكن وصفه، او إحصاؤه، رغم الادعاءات الفارغة، بتحقيق انجازات ومكاسب لا وجود لها على الاطلاق في الواقع العملي، فالانهيار الامني ادى الى سيطرة (داعش) على ثلث مساحة العراق، ورافقت هذه الهجمة البربرية انتهاكات وجرائم قل نظيرها في اية بقعة من بقاع العالم، ومحنة الاقليات ومعها كل الشعب العراقي تفقأ العين، وتدمي الضمير الحي، والعقل السوي، إن بقي شيء منها لدى المسؤولين عن هذا الخراب والدمار الهائلين. اما الفساد المالي و الاداري اللذين تغلغلا في كل زوايا الدولة والمجتمع، وغياب الخدمات الضرورية للانسان العراقي من كهرباء وماء وصحة وتعليم ونقل وسكن، وهي من اولى واجبات الدولة التي تحترم نفسها، وتستحق ان تسمى دولة، لا دويلات ومراكز قوى كما هو حالنا اليوم، فحدث عنها ولا حرج. ربما كانت الاعتقالات العشوائية، وقضم الحريات السياسية والشخصية، والاعتداءات المتكررة حتى على النوادي الاجتماعية والثقافية هي المقصودة بالانجازات والمكاسب التي يتبجحون بها! ان القائمة طويلة جداً من الاخفاقات والفشل الذريع في كل شيء، ولعل اخطرها واكثرها مرارة وتأثيراً سلبياً على حاضر العراق ومستقبله، هو تحطيم ما تبقى من النسيج الاجتماعي وزرع الكراهية والبغضاء بين ابناء الشعب العراقي، من خلال المحاصصة الكريهة والتأجيج الطائفي والقومي الذي غيّب آخر ما تبقى من وعي المواطن العراقي، وشل إرادته، وصادر حلمه المزمن في العيش بحرية وكرامة وسعادة إسوةً بشعوب العالم المختلفة. إن معالجة كل هذه الويلات والمشاكل يفترض ان تكون من اولويات الحكومة الجديدة، التي كلف الدكتور حيدر العبادي بتشكيلها وهو الذي حظي بتأييد شعبي ورسمي، داخلي وخارجي منقطع النظير، إدراكاً من الجميع بعمق الازمة التي يعاني منها العراق شعباً ووطنا، وضرورة القيام باصلاح العملية السياسية جذرياً وبالتالي تحقيق انجازات ومكاسب فعلية وليست خيالية كما كان الامر سابقاً. وتحية لكل من ساهم في منع "لزكة جونسون" من إفساد فرحة العراقيين بالتغيير، وفي عودة الامل إليهم من جديد.
|