هل نقول الخير آتٍ..؟!

 

وسط الكم الكبير من الأخبار اليومية التي تترى على مسامعنا وتتراءى أمام أنظارنا مقروءة أو مرئية، افرحني كثيرا خبر كان هو موضع مقالي بالأمس في منبري هذا، ولشدة غبطتي بفحوى هذا الخبر، لم يبرح فكري منذ سماعي إياه حتى اللحظة، ذاك الخبر هو نية رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في تقديم اقتراح للأطراف السياسية لتشكيل مجلس وطني للسياسات العليا يضم الرئاسات الثلاث. وماغبطتي بسماع هذا الخبر إلا لكوني عراقيا أنتمي لعراقيتي روحا ولسانا وقلبا وقالبا وأملا وألما، كذلك لعلمي بما لهذا المجلس من أهمية بالغة في إدارة شؤون الدولة بشكل صائب.

فالمجلس الوطني للسياسات العليا معمول به في دول العالم المتقدمة والنامية، وله الأولويات بين باقي مجالسها، في المشورة والرقابة ودراسة مشاريع القوانين والقرارات المقدمة من قبل المجلسين التنفيذي والرئاسي، وله حق التعديل فيها. فضلا عن تحديده أولويات البرنامج السياسي للحكومات، ووضع رؤية سياسية للتعديلات الدستورية. ومن المؤكد ان العراقيين باتوا في حاجة ماسة الى مجلس مثل هذا، إذ ان الفرد الواحد من رؤساء الرئاسات مهما بلغ حرصه على بلده، وتفانيه في أداء مامناط به من واجبات، فإنه لن يتمكن من احتوائها كلها، وعلى وجه الخصوص في عراقنا الذي يتربص به الأصدقاء قبل الأعداء، والشواهد على هذا كثيرة، كما يقول ابن الرومي:

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشَّفتْ له عن عدو في ثياب صديقِ

وهانحن اليوم تحت مظلة حكومة جديدة، وننتظر انتقاء أعضائها بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر، فالمرجو المرجو من رئيسها، أن يكون اختياره أعضاء المجلس التنفيذي وفق وحدات قياس صارمة وضوابط حازمة، من دون الركون الى الفئوية والحزبية والمحسوبية، التي كانت السبب في تدني مستوى أداء الوزارات في الحكومات السابقة. وعادت بسلبيات ضيقت الخناق على أهل البيت العراقي بشرائحهم كافة، وياليت رئيس الحكومة يكمل قراءة البيت الثاني لابن الرومي إذ يقول:

عليك بدارٍ لا يزول ظلالُها ولايتأذى أهلُها بمضيق

وقطعا هذا لن يتأتى يارئيس حكومتنا من الفراغ، او من الجلوس خلف عرش السلطة من دون النزول الى أرض واقع العراقيين، حيث العامل والعاطل عن العمل.. والطالب والمعلم.. والمرأة وكبار السن.. والموظف والمتقاعد.. والطفل والمريض.. وباقي شرائح المجتمع، فهم جميعا باتوا أمانة بعنقك وأعناق كل من يتسنم منصبا قياديا في البلد.

نعم يارئيس الوزراء.. الكرة اليوم بساحتك وعليك التهديف والتصويب بدقة وذكاء.. والمواطن ينتظر منك بذل الطاقة القصوى، والعمل الدؤوب وانتهاج سبل حدية وصارمة مع من يتهاون في أداء واجبه بالشكل السليم، للحد من تداعي كثير من السلوكيات التي ظهرت عبر تراكم السنين الماضية من عمر العراقيين، بين حصار وحروب واحتلال، ولتتوج بهمّتك نيتك السليمة في خدمة البلد وتقديم ماهو أفضل له، فبالآمال والأمنيات والنيات الصافية وحدها لاتُبنى لِبنة واحدة من صرح البلد، وقد قالها صاحبنا ابن الرومي في قصيدته ذاتها:

فما يبلغُ الراضي رضاهُ ببُلغة ولاينقعُ الصادي صداه بريق