مع رحيل الصديق الحميم الحبيب سميح.. بقلم/ فاروق مواسي |
هذا النص كنت قرأته احتفاء وتكريمًا له في دار الأسوار في عكا في أواخر الثمانينيات.
...............................................................................
المدينةُ والعاشق ( إلى سميح القاسم ) .................................................... في مدينةِ الشَّوقِ الفريدهْ تَبَدَّتْ لي صَبِيَّهْ حدثتني عن موسم حُبٍّ وقصيدهْ صَحِبتني نَبَضاتٍ وتباشير وثوبًا يبعث في النفس البهجهْ
..... كانت المدينةُ تَزُفُّ الندى تمورُ باليقظهْ طالعتني في جسدها البضِّ أغنيةٌ مُهِرَتْ بالشمس وباللوعهْ ملأتني بغَمامٍ فبكيت
يومَ جئتُ الى المدينهْ كان المَدى لونَ اضطرابي واضطرابي صوتَ المدى
أحمِلُ عودًا وتقاسيمَ البَوْحِ المَسْفوح من بَوَّابتها المجروحة صَعِدَ الْمَّوالُ المجروح أمَمٌ من ألوانٍ تغتصبُ الدرب
قلتُ لها " أين العاشقُ يا مدينتي أيَّتُها الأصيلةُ الجميلةُ العَذْبَةُ المُعَذَّبهْ ؟! مَنْ هذا الواقِفُ في الشاطِيء كَمَنارهْ يُسْعِفُ في الْحُلْكَهْ ؟
من هذا الكافِرُ في عِزِّ الكُفر ؟ حينَ لعبنا طاوِلَةَ الزَّهْر وشَتَمْنا دينَ زَعامَتِنَا دينَ الحَظِّ ورَبَّ الصهيونيَّهْ ؟ من هذا الطَّالِعُ مَنْشورًا في قلبِ مُخَيَّم يبعثُ في الطِّفْلِ طُمَأْنينهْ يجمع أَحلامَ سجينٍ وسجينَهْ في شَجَنٍ موصولٍ للُّقيا ؟
من هذا المُلْتَفِعُ عَلَمًا لَوْ أنَّهُ أَلَقٌ وحنانٌ مشفوعٌ بِسَكينهْ ؟
مَن هذا الغَضَبُ المَذْخورُ جَوادًا عربيًا لم يَهُنِ ؟
مَن هذا ؟ أيَّتُها الأصيلةُ الجميلةُ العَذْبَةُ المُعَذَّبهْ أرُشُّ في حَناياكِ ماءَ الوَرْد أسوحُ في عَيْنَيْكِ حتى الوَعد
فإذا الصَّبِيَّهْ ألقاها بالصَّحْوَةِ والنَّشْوهْ تَصْحَبُني نحوَ العاشِق ...
رأيتُ مِن قُرْبٍ نَبْتَةً بَسَقَتْ اِجتَلَيْتُ الرُّؤيا حتّى يَتَسَرَّبَ وَجهي في النُّورِ الطالِع قلت لهذا الوَلهان : ها وَجْهُكَ مُبْتَسِمٌ في الجُرْحِ مُنْتَظِرٌ طائِرَ رَعْدٍ في الصُّبْحِ وَمَساءاتُك شَجَرُ الحَرْفِ المُتَوَهِّج مُغْتَسِلا بِالطُّهْرِ ومواكِبُ ضَحْكٍ يا فَرَحَ الوطن حتى تَصْحَبَني في الرِّحْلهْ حيثُ شوارِعُ وَهْمِي وَضَياعي وجِراحي فإذا الصَّبِيَّهْ مَمْشُوقةٌ بِرَذاذِ المَطَرِ مَسْفوعَةٌ بالشمس مُطارَدَةٌ بالأرَقْ فَبَدَتْ لي أجْمَل ودَعَتني للقول،
قلتُ له : ها أنت العاشق مسكونٌ في آهاتِك مَعْجونٌ في أسمائِك يا طِفْلا (حَيْدرُ ) داعَبَهُ واحتَضَنَهْ ألْقاهُ شُموخًا إذ سَكَنَهْ دَوَّن صَفَحاتِهْ في قربانٍ ، بَعْثَرها في كُلِّ جِهاتِ الرّوح حتى يقرأها مُنْتَصِبَ القامةِ يمشي مرفوعَ الهامةِ يمشي .
|