النورسي ورحلة الإصلاح

لم يدر في بال ذلك الشاب الذي خرج من قرى كردستان قاصدا اسطنبول تشغله مسألة إصلاح التعليم الديني وإدخال العلوم التطبيقية الى جانب العلوم الشرعية في المدارس الدينية انه سيكون الحارس الأمين لبوابة الاسلام والإيمان في الأناضول.

خرج سعيد النورسي تشغله جزئية وكلما تقدم في الطريق لاقته جزئيات ومشاكل حتى اذا وصل اسطنبول وقابل السلطان عبد الحميد أيقن ان الإصلاح قضية حياته. فانطلق في ميدان العلم الشرعي والعمل السياسي ثم ساحات القتال ولم يترك بابا للإصلاح الا طرقه ولم يفكر بزعامة او رئاسة او صدارة او اتباع بل شغله الإصلاح عن كل شئ حتى عن نفسه.

فكان النورسي وكان طلاب النور

قسم النورسي حياته الى مراحل ثلاث سعيد القديم وسعيد الجديد وسعيد الشيخ ، تميزت كل مرحلة من هذه المراحل بأسلوب عمل وأهداف استنادا الى الواقع الموجود والإمكانات المتوفرة والفرص المتاحة وفي هذا درس مفيد تعلمه النورسي من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، تحرك النورسي ولمس المجتمع فيه الصدق والإخلاص فالتف الناس حوله متجاهلين المخاطر والتحديات واستيقظت روح الإيمان في نفوس الناس مرة اخرى فكان النورسي القائد الذي اخرج من الناس أفضل ما لديهم وهذا هو القائد الحقيقي.

لم يخاصم النورسي احدا بل مد يده الى الجميع ورفع لافتة إنقاذ الإيمان وفي كل مرحلة كان المخلصون يمدون أيديهم ويتعاونون معه بما فيه صلاح البلاد والعباد وفي هذا إشارة لمن يريد الإصلاح ان ينطلق الى المجتمع ويستجمع الهمم لإصلاح مفاسد من أساء بقصد او بغير قصد.

في قصة النورسي دروس للمصلحين أولها حب المجتمع والحرص عليه وحمايته من الانجراف الى مهاري الردى ، التعاون مع المخلصين وان اختلف معهم في بعض المسائل ، قبول الناس كما هم والحرص على اصلاحهم وإعانتهم على التغيير للأفضل ، التواصل مع الناس وعدم الانعزال عنهم ، الحرص على ارتباط الناس بالإسلام وليس شخص المصلح ، الحرص على أعيان الناس واستثمارهم كمفاتيح للخير ، اعتماد القرآن الكريم كمنهج حياة.

رحم الله النورسي وتقبل منه صالح الاعمال.